ويقول تبارك وتعالى : وإن يكذبوك يا محمد هؤلاء المشركون بالله ويخالفوك فيما جئتهم به من التوحيد فلك فيمن سلف قبلك من الرسل أسوة فإنهم كذلك جاؤوا قومهم بالبينات وأمروهم بالتوحيد فكذبوهم وخالفوهم { وإلى الله ترجع الأمور } أي وسنجزيهم على ذلك أوفر الجزاء ثم قال تعالى : { يا أيها الناس إن وعد الله حق } أي المعاد كائن لا محالة { فلا تغرنكم الحياة الدنيا } أي العيشة الدنيئة بالنسبة إلى ما أعد الله لأوليائه وأتباع رسله من الخير العظيم فلا تتلهوا عن ذلك الباقي بهذه الزهرة الفانية { ولا يغرنكم بالله الغرور } وهو الشيطان قاله ابن عباس Bهما أي لا يفتننكم الشيطان ويصرفنكم عن اتباع رسل الله وتصديق كلماته فإنه غرار كذاب أفاك وهذه الاية كالاية التي في آخر لقمان { فلا تغرنكم الحياة الدنيا ولا يغرنكم بالله الغرور } وقال مالك عن زيد بن أسلم هو الشيطان كما قال المؤمنون للمنافقين يوم القيامة حين يضرب { بينهم بسور له باب باطنه فيه الرحمة وظاهره من قبله العذاب * ينادونهم ألم نكن معكم قالوا بلى ولكنكم فتنتم أنفسكم وتربصتم وارتبتم وغرتكم الأماني حتى جاء أمر الله وغركم بالله الغرور } .
ثم بين تعالى عداوة إبليس لابن آدم فقال : { إن الشيطان لكم عدو فاتخذوه عدوا } أي هو مبارز لكم بالعداوة فعادوه أنتم أشد العداوة وخالفوه وكذبوه فيما يغركم به { إنما يدعو حزبه ليكونوا من أصحاب السعير } أي إنما يقصد أن يضلكم حتى تدخلوا معه إلى عذاب السعير فهذا هو العدو المبين نسأل الله القوي العزيز أن يجعلنا أعداء الشيطان وأن يرزقنا اتباع كتاب الله والاقتفاء بطريق رسله إنه على ما يشاء قدير وبالإجابة جدير وهذه كقوله تعالى : { وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس كان من الجن ففسق عن أمر ربه أفتتخذونه وذريته أولياء من دوني وهم لكم عدو بئس للظالمين بدلا }