هذا أمر من الله تبارك وتعالى لرسوله صلى الله عليه وسلّم بأن يخير نساءه بين أن يفارقهن فيذهبن إلى غيره ممن يحصل لهن عنده الحياة الدنيا وزينتها وبين الصبر على ما عنده من ضيق الحال ولهن عند الله تعالى في ذلك الثواب الجزيل فاخترن Bهن وأرضاهن الله ورسوله والدار الاخرة فجمع الله تعالى لهن بعد ذلك بين خير الدنيا وسعادة الاخرة قال البخاري : حدثنا أبو اليمان أخبرنا شعيب عن الزهري قال : أخبرني أبو سلمة بن عبد الرحمن أن عائشة Bها زوج النبي صلى الله عليه وسلّم أخبرته أن رسول الله صلى الله عليه وسلّم جاءها حين أمره الله تعالى أن يخير أزواجه قالت : فبدأ بي رسول الله صلى الله عليه وسلّم فقال : [ إني ذاكر لك أمرا فلا عليك أن تستعجلي حتى تستأمري أبويك وقد علم أن أبوي لم يكونا يأمراني بفراقه قالت : ثم قال : إن الله تعالى قال : { يا أيها النبي قل لأزواجك } إلى تمام الايتين فقلت له : ففي أي هذا أستأمر أبوي فإني أريد الله ورسوله والدار الاخرة ؟ ] وكذا رواه معلقا عن الليث حدثني يونس عن الزهري عن أبي سلمة عن عائشة Bها فذكره وزاد : قالت ثم فعل أزواج النبي صلى الله عليه وسلّم مثل مافعلت وقد حكى البخاري أن معمرا اضطرب فيه فتارة رواه عن الزهري عن أبي سلمة وتارة رواه عن الزهري عن عروة عن عائشة Bها .
وقال ابن جرير : حدثنا أحمد بن عبدة الضبي حدثنا أبو عوانة عن عمر بن أبي سلمة عن أبيه قال : قالت عائشة Bها : لما نزل الخيار قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلّم : [ إني أريد أن أذكر لك أمرا فلا تقضي فيه شيئا حتى تستأمري أبويك قالت : قلت : وما هو يارسول الله ؟ قال فرده عليها فقالت : وما هو يارسول الله ؟ قالت فقرأ صلى الله عليه وسلّم عليها { يا أيها النبي قل لأزواجك إن كنتن تردن الحياة الدنيا وزينتها } إلى آخر الاية قالت : فقلت بل نختار الله ورسوله والدار الاخرة قالت : ففرح بذلك النبي صلى الله عليه وسلّم ] .
وحدثنا ابن وكيع حدثنا محمد بن بشر عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن عائشة Bها قالت : لما نزلت آية التخيير بدأ بي رسول الله صلى الله عليه وسلّم فقال : [ ياعائشة إني عارض عليك أمرا فلا تفتاتي فيه بشيء حتى تعرضيه على أبويك : أبي بكر وأم رومان Bهما فقالت : يارسول الله وما هو ؟ قال صلى الله عليه وسلّم : قال الله D : { يا أيها النبي قل لأزواجك إن كنتن تردن الحياة الدنيا وزينتها فتعالين أمتعكن وأسرحكن سراحا جميلا * وإن كنتن تردن الله ورسوله والدار الآخرة فإن الله أعد للمحسنات منكن أجرا عظيما } قالت : فإني أريد الله ورسوله والدار الاخرة ولا أؤامر في ذلك أبوي أبا بكر وأم رومان Bهما فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلّم ثم استقرأ الحجر فقال : إن عائشة Bها قالت كذا وكذا فقلن : ونحن نقول مثلما قالت عائشة Bهن كلهن ] رواه ابن أبي حاتم عن أبي سعيد الأشج عن أبي أسامة عن محمد بن عمرو به .
قال ابن جرير : وحدثنا سعيد بن يحيى الأموي حدثنا أبي حدثنا محمد بن إسحاق عن عبد الله بن أبي بكر عن عمرة عن عائشة Bها قالت : إن رسول الله صلى الله عليه وسلّم لما نزل على نسائه أمر أن يخيرهن فدخل علي فقال : [ سأذكر لك أمرا فلا تعجلي حتى تستشيري أباك فقلت : وما هو يارسول الله ؟ قال : إني أمرت أن أخيركن وتلا عليها آية التخيير إلى آخر الايتين قالت : فقلت وما الذي تقول : لاتعجلي حتى تستشيري أباك ؟ فإني أختار الله ورسوله فسر صلى الله عليه وسلّم بذلك وعرض على نسائه فتتابعن كلهن فاخترن الله وسوله صلى الله عليه وسلّم ] .
وقال ابن أبي حاتم : حدثنا يزيد بن سنان البصري حدثنا أبو صالح عبد الله بن صالح حدثني الليث حدثني عقيل عن الزهري أخبرني عبد الله بن عبد الله بن أبي ثور عن ابن عباس Bهما قال : قالت عائشة Bها : أنزلت آية التخيير فبدأ بي أول امرأة من نسائه فقال A : [ إني ذاكر لك أمرا فلا عليك أن تعجلي حتى تستأمري أبويك قالت وقد علم أن أبوي لم يكونا يأمراني بفراقه قالت ثم قال : إن الله تبارك وتعالى قال : { يا أيها النبي قل لأزواجك } الايتين قالت عائشة Bها : فقلت أفي هذا أستأمر أبوي ؟ فإني أريد الله وسوله والدار الاخرة ثم خير نساءه كلهن فقلن ما قالت عائشة Bهن ] وأخرجه البخاري ومسلم جميعا عن قتيبة عن الليث عن الزهري عن عروة عن عائشة Bها مثله .
وقال الإمام أحمد : حدثنا أبو معاوية حدثنا الأعمش عن مسلم بن صبيح عن مسروق عن عائشة Bها قالت : [ خيرنا رسول الله A فاخترناه فلم يعدها علينا شيئا ] أخرجاه من حديث الأعمش وقال الإمام أحمد : حدثنا أبو عامر عبد الملك بن عمرو حدثنا زكريا بن إسحاق عن أبي الزبير عن جابر Bه قال : أقبل أبو بكر Bه يستأذن رسول الله A والناس ببابه جلوس والنبي A جالس فلم يؤذن له ثم أقبل عمر Bه فاستأذن فلم يؤذن له ثم أذن لأبي بكر وعمر Bهما فدخلا والنبي A جالس وحوله نساؤه وهو A ساكت فقال عمر Bه : لأكلمن النبي A لعله يضحك فقال عمر Bه : يارسول الله لو رأيت ابنة زيد ـ امرأة عمر ـ سألتني النفقة آنفا فوجأت عنقها فضحك النبي A حتى بدت نواجذه وقال : [ هن حولي يسألنني النفقة ] فقام أبو بكر Bه إلى عائشة ليضربها وقام عمر Bه إلى حفصة كلاهما يقولان : تسألان النبي A ما ليس عنده فنهاهما رسول الله A فقلن : والله لانسأل رسول الله A بعد هذا المجلس ما ليس عنده قال : وأنزل الله D الخيار فبدأ بعائشة Bها فقال : [ إني أذكر لك أمرا ما أحب أن تعجلي فيه حتى تستأمري أبويك قالت : وما هو ؟ قال : فتلا عليها : { يا أيها النبي قل لأزواجك } الاية قالت عائشة Bها : أفيك أستأمر أبوي ؟ بل أختار الله تعالى ورسوله وأسألك أن لا تذكر لامرأة من نسائك ما اخترت فقال A : إن الله تعالى لم يبعثني معنفا ولكن بعثني معلما ميسرا لا تسألني امرأة منهن عما اخترت إلا أخبرتها ] انفرد بإخراجه مسلم دون البخاري فرواه هو و النسائي من حديث زكريا بن إسحاق المكي به .
وقال عبد الله بن الإمام أحمد : حدثنا سريج بن يونس حدثنا علي بن هشام بن البريد عن محمد بن عبيد الله بن علي بن أبي رافع عن عثمان بن علي بن الحسين عن أبيه عن علي Bه قال : [ إن رسول الله A خير نساءه الدنيا والاخرة ولم يخيرهن الطلاق ] وهذا منقطع وقد روي عن الحسن وقتادة وغيرهما نحو ذلك وهو خلاف الظاهر من الاية فإنه قال : { فتعالين أمتعكن وأسرحكن سراحا جميلا } أي أعطيكن حقوقكن وأطلق سراحكن وقد اختلف العلماء في جواز تزوج غيره لهن لو طلقهن على قولين أصحهما نعم لو وقع ليحصل المقصود من السراح والله أعلم قال عكرمة : وكان تحته يومئذ تسع نسوة : خمس من قريش : عائشة وحفصة وأم حبيب وسودة وأم سلمة Bهن وكانت تحته A صفية بنت حيي النضيرية وميمونة بنت الحارث الهلالية وزينب بنت جحش الأسدية وجويرية بنت الحارث المصطلقية Bهن وأرضاهن جميعا