يقول الله تعالى مخبرا عن ذلك الحال حين نزلت الأحزاب حول المدينة والمسلمون محصورون في غاية الجهد والضيق ورسول الله صلى الله عليه وسلّم بين أظهرهم أنهم ابتلوا واختبروا وزلزلوا زلزالا شديدا فحينئذ ظهر النفاق وتكلم الذين في قلوبهم مرض بما في أنفسهم { وإذ يقول المنافقون والذين في قلوبهم مرض ما وعدنا الله ورسوله إلا غرورا } أما المنافق فنجم نفاقه والذي في قلبه شبهة أو حسيكة لضعف حاله فتنفس بما يجده من الوسواس في نفسه لضعف إيمانه وشدة ماهو فيه من ضيق الحال وقوم آخرون قالوا كما قال الله تعالى : { وإذ قالت طائفة منهم يا أهل يثرب } يعني المدينة كما جاء في الصحيح [ أريت في المنام دار هجرتكم أرض بين حرتين فذهب وهلي أنها هجر فإذا هي يثرب ] وفي لفظ : المدينة .
فأما الحديث الذي رواه الإمام أحمد : حدثنا إبراهيم بن مهدي حدثنا صالح بن عمر عن يزيد بن أبي زياد عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن البراء Bه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم [ من سمى المدينة يثرب فليستغفر الله تعالى إنما هي طابة هي طابة ] تفرد الإمام أحمد وفي إسناده ضعف والله أعلم ويقال كان أصل تسميتها يثرب برجل نزلها من العماليق يقال له يثرب بن عبيد بن مهلاييل بن عوص بن عملاق بن لاوذ بن إرم بن سام بن نوح قاله السهيلي قال : وروي عن بعضهم أنه قال : إن لها في التوراة أحد عشر اسما : المدينة وطابة وطيبة والمسكينة والجابرة والمحبة والمحبوبة والقاصمة والمجبورة والعذراء والمرحومة وعن كعب الأحبار قال : إنا نجد في التوراة يقول الله تعالى للمدينة : ياطيبة وياطابة ويامسكينة لا تقلي الكنوز أرفع أحاجرك على أحاجر القرى .
وقوله { لا مقام لكم } أي ههنا يعنون عند النبي صلى الله عليه وسلّم في مقام المرابطة { فارجعوا } أي إلى بيوتكم ومنازلكم { ويستأذن فريق منهم النبي } قال العوفي عن ابن عباس Bهما : هم بنو حارثة قالوا : بيوتنا نخاف عليها السراق وكذا قال غير واحد وذكر ابن إسحاق أن القائل لذلك هو أوس بن قيظي يعني اعتذروا في الرجوع إلى منازلهم بأنها عورة أي ليس دونها ما يحجبها من العدو فهم يخشون عليها منهم قال الله تعالى : { وما هي بعورة } أي ليست كما يزعمون { إن يريدون إلا فرارا } أي هربا من الزحف