يقول تعالى مخبرا عن استعجال الكفار ووقوع بأس الله بهم وحلول غضبه ونقمته عليهم استبعادا وتكذيبا وعنادا { ويقولون متى هذا الفتح } أي متى تنصر علينا يا محمد ؟ كما تزعم أن لك وقتا علينا وينتقم لك منا فمتى يكون هذا ؟ ما نراك أنت وأصحابك إلا مختفين خائفين ذليلين قال الله تعالى : { قل يوم الفتح } أي إذا حل بكم بأس الله وسخطه وغضبه في الدنيا وفي الأخرى { لا ينفع الذين كفروا إيمانهم ولا هم ينظرون } كما قال تعالى : { فلما جاءتهم رسلهم بالبينات فرحوا بما عندهم من العلم } الايتين ومن زعم أن المراد من هذا الفتح فتح مكة فقد أبعد النجعة وأخطأ فأفحش فإن يوم الفتح قد قبل رسول الله صلى الله عليه وسلّم إسلام الطلقاء وقد كانوا قريبا من ألفين ولوكان المراد فتح مكة لما قبل إسلامهم لقوله تعالى : { قل يوم الفتح لا ينفع الذين كفروا إيمانهم ولا هم ينظرون } وإنما المراد الفتح الذي هو القضاء والفصل كقوله { فافتح بيني وبينهم فتحا } الاية وكقوله { قل يجمع بيننا ربنا ثم يفتح بيننا بالحق } الاية وقال تعالى : { واستفتحوا وخاب كل جبار عنيد } وقال تعالى : { وكانوا من قبل يستفتحون على الذين كفروا } وقال تعالى : { إن تستفتحوا فقد جاءكم الفتح } .
ثم قال تعالى : { فأعرض عنهم وانتظر إنهم منتظرون } أي أعرض عن هؤلاء المشركين وبلغ ما أنزل إليك من ربك كقوله : { اتبع ما أوحي إليك من ربك لا إله إلا هو } الاية وانتظر فإن الله سينجز لك ما وعد وسينصرك على من خالفك إنه لا يخلف الميعاد وقوله { إنهم منتظرون } أي أنت منتظر وهم منتظرون ويتربصون بكم الدوائر { أم يقولون شاعر نتربص به ريب المنون } وسترى أنت عاقبة صبرك عليهم وعلى أداء رسالة الله في نصرتك وتأييدك وسيجدون غب ما ينتظرونه فيك وفي أصحابك من وبيل عقاب الله لهم وحلول عذابه بهم وحسبنا الله ونعم الوكيل .
آخر تفسير سورة السجدة ولله الحمد والمنة