يقول تعالى مخبرا عن جهل المشركين في استعجالهم عذاب الله أن يقع بهم وبأس الله أن يحل عليهم كما قال تعالى : { وإذ قالوا اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب أليم } وقال ههنا : { ويستعجلونك بالعذاب ولولا أجل مسمى لجاءهم العذاب } أي لولا ما حتم الله من تأخير العذاب إلى يوم القيامة لجاءهم العذاب قريبا سريعا كما استعجلوه ثم قال : { وليأتينهم بغتة } أي فجأة { وهم لا يشعرون * يستعجلونك بالعذاب وإن جهنم لمحيطة بالكافرين } أي يستعجلون العذاب وهو واقع بهم لا محالة .
قال شعبة عن سماك عن عكرمة : قال في قوله : { وإن جهنم لمحيطة بالكافرين } قال : البحر وقال ابن أبي حاتم : حدثنا علي بن الحسين حدثنا عمر بن إسماعيل بن مجالد حدثنا أبي عن مجالد عن الشعبي أنه سمع ابن عباس يقول : { وإن جهنم لمحيطة بالكافرين } وجهنم هو هذا البحر الأخضر تنتثر الكواكب فيه وتكور فيه الشمس والقمر ثم يوقد فيكون هو جهنم وقال الإمام أحمد : حدثنا أبو عاصم أخبرنا عبد الله بن أمية حدثني محمد بن حيي أخبرني صفوان بن يعلى عن أبيه أن النبي صلى الله عليه وسلّم قال : [ البحر هو جهنم قالوا ليعلى فقال : ألا ترون أن الله تعالى يقول : { نارا أحاط بهم سرادقها } قال : لا والذي نفس يعلى بيده لا أدخلها أبدا حتى أعرض على الله ولا يصيبني منها قطرة حتى أعرض على الله تعالى ] هذا تفسير غريب وحديث غريب جدا والله أعلم .
ثم قال D : { يوم يغشاهم العذاب من فوقهم ومن تحت أرجلهم } كقوله تعالى : { لهم من جهنم مهاد ومن فوقهم غواش } وقال تعالى : { لهم من فوقهم ظلل من النار ومن تحتهم ظلل } وقال تعالى : { لو يعلم الذين كفروا حين لا يكفون عن وجوههم النار ولا عن ظهورهم } الاية فالنار تغشاهم من سائر جهاتهم وهذا أبلغ في العذاب الحسي وقوله تعالى : { ويقول ذوقوا ما كنتم تعملون } تهديد وتقريع وتوبيخ وهذا عذاب معنوي على النفوس كقوله تعالى : { يوم يسحبون في النار على وجوههم ذوقوا مس سقر * إنا كل شيء خلقناه بقدر } وقال تعالى : { يوم يدعون إلى نار جهنم دعا * هذه النار التي كنتم بها تكذبون * أفسحر هذا أم أنتم لا تبصرون * اصلوها فاصبروا أو لا تصبروا سواء عليكم إنما تجزون ما كنتم تعملون }