يقول تعالى مخبرا عن يوم القيامة وحشر الظالمين من المكذبين بآيات الله ورسله إلى بين يدي الله D ليسألهم عما فعلوه في الدار الدنيا تقريعا وتوبيخا وتصغيرا وتحقيرا فقال تعالى : { ويوم نحشر من كل أمة فوجا } أي من كل قوم وقرن فوجا أي جماعة { ممن يكذب بآياتنا } كما قال تعالى : { احشروا الذين ظلموا وأزواجهم } وقال تعالى : { وإذا النفوس زوجت } وقوله تعالى : { فهم يوزعون } قال ابن عباس Bهما : يدفعون وقال قتادة : وزعة يرد أولهم على آخرهم .
وقال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم : يساقون { حتى إذا جاؤوا } ووقفوا بين يدي الله D في مقام المساءلة { قال أكذبتم بآياتي ولم تحيطوا بها علما أماذا كنتم تعملون } أي فيسألون عن اعتقادهم وأعمالهم ! فلما لم يكونوا من أهل السعادة وكانوا كما قال الله عنهم : { فلا صدق ولا صلى * ولكن كذب وتولى } فحينئذ قامت عليهم الحجة ولم يكن لهم عذر يعتذرون به كما قال الله تعالى { هذا يوم لا ينطقون * ولا يؤذن لهم فيعتذرون } الاية وهكذا قال ههنا : { ووقع القول عليهم بما ظلموا فهم لا ينطقون } أي بهتوا فلم يكن لهم جواب لأنهم كانوا في الدار الدنيا ظلمة لأنفسهم وقد ردوا إلى عالم الغيب والشهادة الذي لا تخفى عليه خافية .
ثم قال تعالى منبها على قدرته التامة وسلطانه العظيم وشأنه الرفيع الذي تجب طاعته والانقياد لأوامره وتصديق أنبيائه فيما جاؤوا به من الحق الذي لا محيد عنه فقال تعالى : { ألم يروا أنا جعلنا الليل ليسكنوا فيه } أي في ظلام الليل لتسكن حركاتهم بسببه وتهدأ أنفاسهم ويستريحون من نصب التعب في نهارهم { والنهار مبصرا } أي منيرا مشرقا فبسبب ذلك يتصرفون في المعاش والمكاسب والأسفار والتجارات وغير ذلك من شؤونهم التي يحتاجون إليها { إن في ذلك لآيات لقوم يؤمنون }