تهددهم فلم يقطع ذلك فيهم وتوعدهم فما زادهم إلا إيمانا وتسليما وذلك إنه قد كشف عن قلوبهم حجاب الكفر وظهر لهم الحق بعلمهم ما جهل قومهم من أن هذا الذي جاء به موسى لا يصدر عن بشر إلا أن يكون الله قد أيده به وجعله له حجة ودلالة على صدق ما جاء به من ربه ولهذا لما قال لهم فرعون { آمنتم له قبل أن آذن لكم ؟ } أي كان ينبغي أن تستأذنوني فيما فعلتم ولا تفتاتوا علي في ذلك فإن أذنت لكم فعلتم وإن منعتكم امتنعتم فإذني أنا الحاكم المطاع { إنه لكبيركم الذي علمكم السحر } وهذه مكابرة يعلم كل أحد بطلانها فإنهم لم يجتمعوا بموسى قبل ذلك اليوم فكيف يكون كبيرهم الذي أفادهم صناعة السحر ؟ هذا لا يقوله عاقل .
ثم توعدهم فرعون بقطع الأيدي والأرجل والصلب فقالوا { لا ضير } أي لاحرج ولا يضرنا ذلك ولا نبالي به { إنا إلى ربنا منقلبون } أي المرجع إلى الله D وهو لا يضيع أجر من أحسن عملا ولا يخفى عليه ما فعلت بنا وسيجزينا على ذلك أتم الجزاء ولهذا قالوا { إنا نطمع أن يغفر لنا ربنا خطايانا } أي ما قارفنا من الذنوب وما أكرهتنا عليه من السحر { أن كنا أول المؤمنين } أي بسبب أنا بادرنا قومنا من القبط إلى الإيمان فقتلهم كلهم