لما ذكر تعالى من أوصاف عباده المؤمنين ما ذكر من الصفات الجميلة والأقوال والأفعال الجليلة قال بعد ذلك كله { أولئك } أي المتصفون بهذه { يجزون } يوم القيامة { الغرفة } وهي الجنة قال أبو جعفر الباقر وسعيد بن جبير والضحاك والسدي : سميت بذلك لا رتفاعها { بما صبروا } أي على القيام بذلك { ويلقون فيها } أي في الجنة { تحية وسلاما } أي يبتدرون فيها بالتحية والإكرام ويلقون التوقير والاحترام فلهم السلام وعليهم السلام فإن الملائكة يدخلون عليهم من كل باب : سلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدار وقوله تعالى : { خالدين فيها } أي مقيمين لا يظعنون ولا يحولون ولا يموتون ولا يزولون عنها ولا يبغون عنها حولا كما قال تعالى : { وأما الذين سعدوا ففي الجنة خالدين فيها ما دامت السموات والأرض } الاية .
وقوله تعالى : { حسنت مستقرا ومقاما } أي حسنت منظرا وطابت مقيلا ومنزلا ثم قال تعالى : { قل ما يعبأ بكم ربي } أي لا يبالي ولا يكترث بكم إذا لم تعبدوه فإنه إنما خلق الخلق ليعبدوه ويوحدوه ويسبحوه بكرة وأصيلا قال مجاهد وعمرو بن شعيب { قل ما يعبأ بكم ربي } يقول : ما يفعل بكم ربي وقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في قوله { قل ما يعبأ بكم ربي } الاية يقول : لولا إيمانكم وأخبر تعالى الكفار أنه لا حاجة له بهم إذ لم يخلقهم مؤمنين ولو كان له بهم حاجة لحبب إليهم الإيمان كما حببه إلى المؤمنين .
وقوله تعالى : { فقد كذبتم } أيها الكافرون { فسوف يكون لزاما } أي فسوف يكون تكذيبكم لزاما لكم يعني مقتضيا لعذابكم وهلاككم ودماركم في الدنيا والاخرة ويدخل في ذلك يوم بدر كما فسره بذلك عبد الله بن مسعود وأبي بن كعب ومحمد بن كعب القرظي ومجاهد والضحاك وقتادة والسدي وغيرهم وقال الحسن البصري { فسوف يكون لزاما } أي يوم القيامة ولا منافاة بينهما