يخبر تعالى عن نوح عليه السلام أنه دعا ربه ليستنصره على قومه كما قال تعالى مخبرا عنه في الاية الأخرى : { فدعا ربه أني مغلوب فانتصر } وقال ههنا : { رب انصرني بما كذبون } فعند ذلك أمره الله تعالى بصنعة السفينة وإحكامها وإتقانها وأن يحمل فيها من كل زوجين اثنين أي ذكرا وأنثى من كل صنف من الحيوانات والنباتات والثمار وغير ذلك وأن يحمل فيهاأهله { إلا من سبق عليه القول منهم } أي من سبق عليه القول من الله بالهلاك وهم الذين لم يؤمنوا به من أهله كابنه وزوجته والله أعلم .
وقوله : { ولا تخاطبني في الذين ظلموا إنهم مغرقون } أي عند معاينة إنزال المطر العظيم لا تأخذنك رأفة بقومك وشفقة عليهم وطمع في تأخيرهم لعلهم يؤمنون فإني قد قضيت أنهم مغرقون على ما هم عليه من الكفر والطغيان وقد تقدمت القصة مبسوطة في سورة هود بما يغني عن إعادة ذلك ههنا وقوله : { فإذا استويت أنت ومن معك على الفلك فقل الحمد لله الذي نجانا من القوم الظالمين } كما قال : { وجعل لكم من الفلك والأنعام ما تركبون * لتستووا على ظهوره ثم تذكروا نعمة ربكم إذا استويتم عليه وتقولوا سبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين * وإنا إلى ربنا لمنقلبون } وقد امتثل نوح عليه السلام هذا كما قال تعالى : { وقال اركبوا فيها بسم الله مجريها ومرساها } فذكر الله تعالى عند ابتداء سيره وعند انتهائه وقال تعالى : { وقل رب أنزلني منزلا مباركا وأنت خير المنزلين } وقوله : { إن في ذلك لآيات } أي إن في هذا الصنيع وهو إنجاء المؤمنين وإهلاك الكافرين لايات أي لحججا ودلالات واضحات على صدق الأنبياء فيما جاؤوا به عن الله تعالى وأنه تعالى فاعل لما يشاء قادر على كل شيء عليم بكل شيء وقوله : { وإن كنا لمبتلين } أي لمختبرين للعباد بإرسال المرسلين