يقول تعالى آمرا رسوله صلواته وسلامه عليه أن يقول للمشركين { إنما يوحى إلي أنما إلهكم إله واحد فهل أنتم مسلمون } أي متبعون على ذلك مستسلمون منقادون له { فإن تولوا } أي تركوا ما دعوتهم إليه { فقل آذنتكم على سواء } أي أعلمتكم أني حرب لكم كما أنكم حرب لي بريء منكم كما أنتم برآء مني كقوله : { وإن كذبوك فقل لي عملي ولكم عملكم أنتم بريئون مما أعمل وأنا بريء مما تعملون } وقال : { وإما تخافن من قوم خيانة فانبذ إليهم على سواء } أي ليكن علمك وعلمهم بنبذ العهود على السواء وهكذا ههنا { فإن تولوا فقل آذنتكم على سواء } أي أعلمتكم ببراءتي منكم وبراءتكم مني لعلمي بذلك .
وقوله : { وإن أدري أقريب أم بعيد ما توعدون } أي هو واقع لا محالة ولكن لا علم لي بقربه ولا ببعده { إنه يعلم الجهر من القول ويعلم ما تكتمون } اي إن الله يعلم الغيب جميعه ويعلم ما يظهره العباد وما يسرون يعلم الظواهر والضمائر ويعلم السر وأخفى ويعلم ما العباد عاملون في أجهارهم وأسرارهم وسيجزيهم على ذلك القليل والجليل وقوله : { وإن أدري لعله فتنة لكم ومتاع إلى حين } أي وما أدري لعل هذا فتنة لكم ومتاع إلى حين قال ابن جرير : لعل تأخير ذلك عنكم فتنة لكم ومتاع إلى أجل مسمى وحكاه عون عن ابن عباس فالله أعلم { قال رب احكم بالحق } أي افصل بيننا وبين قومنا المكذبين بالحق قال قتادة : كانت الأنبياء عليهم السلام يقولون : { ربنا افتح بيننا وبين قومنا بالحق وأنت خير الفاتحين } وأمر رسول الله صلى الله عليه وسلّم أن يقول ذلك وعن مالك عن زيد بن أسلم : كان رسول الله صلى الله عليه وسلّم إذا شهد قتالا قال : { رب احكم بالحق } وقوله : { وربنا الرحمن المستعان على ما تصفون } أي على ما يقولون ويفترون من الكذب ويتنوعون في مقامات التكذيب والإفك والله المستعان عليكم في ذلك .
آخر تفسير سورة الأنبياء عليهم السلام ولله الحمد والمنة