يقول تعالى رادا على من أنكر بعثة الرسل من البشر : { وما أرسلنا قبلك إلا رجالا نوحي إليهم } أي جميع الرسل الذين تقدموا كانوا رجالا من البشر لم يكن فيهم أحد من الملائكة كما قال في الاية الأخرى { وما أرسلنا قبلك إلا رجالا نوحي إليهم فاسألوا أهل الذكر } وقال تعالى : { قل ما كنت بدعا من الرسل } وقال تعالى حكاية عمن تقدم من الأمم لأنهم أنكروا ذلك فقالوا { أبشر يهدوننا } ولهذا قال تعالى : { فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون } أي اسألواأهل العلم من الأمم كاليهود والنصارى وسائر الطوائف : هل كان الرسل الذين أتوهم بشرا أو ملائكة ؟ وإنما كانوا بشرا وذلك من تمام نعمة الله على خلقه إذ بعث فيهم رسلا منهم يتمكنون من تناول البلاغ منهم والأخذ عنهم .
وقوله : { وما جعلناهم جسدا لا يأكلون الطعام } أي بل قد كانوا أجسادا يأكلون الطعام كما قال تعالى : { وما أرسلنا قبلك من المرسلين إلا إنهم ليأكلون الطعام ويمشون في الأسواق } أي قد كانوا بشرا من البشر يأكلون ويشربون مثل الناس ويدخلون الأسواق للتكسب والتجارة وليس ذلك بضار لهم ولا ناقص منهم شيئا كما توهمه المشركون في قولهم { مال هذا الرسول يأكل الطعام ويمشي في الأسواق لولا أنزل إليه ملك فيكون معه نذيرا * أو يلقى إليه كنز أو تكون له جنة يأكل منها } الاية .
وقوله : { وما كانوا خالدين } أي في الدنيا بل كانوا يعيشون ثم يموتون { وما جعلنا لبشر من قبلك الخلد } وخاصتهم أنهم يوحى إليهم من الله D تنزل عليهم الملائكة عن الله بما يحكمه في خلقه مما يأمر به وينهى عنه وقوله : { ثم صدقناهم الوعد } أي الذي وعدهم ربهم ليهلكن الظالمين صدقهم الله وعده وفعل ذلك ولهذا قال { فأنجيناهم ومن نشاء } أي أتباعهم من المؤمنين { وأهلكنا المسرفين } أي المكذبين بما جاءت به الرسل