يقول تعالى : { ويسألونك عن الجبال } أي هل تبقى يوم القيامة أو تزول ؟ { فقل ينسفها ربي نسفا } أي يذهبها عن أماكنها ويمحقها ويسيرها تسييرا { فيذرها } أي الأرض { قاعا صفصفا } أي بساطا واحدا والقاع هو المستوي من الأرض والصفصف تأكيد لمعنى ذلك وقيل الذي لا نبات فيه والأول أولى وإن كان الاخر مرادا أيضا باللازم ولهذا قال : { لا ترى فيها عوجا ولا أمتا } أي لا ترى في الأرض يومئذ واديا ولا رابية ولا مكانا منخفضا ولا مرتفعا كذا قال ابن عباس وعكرمة ومجاهد والحسن البصري والضحاك وقتادة وغير واحد من السلف { يومئذ يتبعون الداعي لا عوج له } أي يوم يرون هذه الأحوال والأهوال يستجيبون مسارعين إلى الداعي حيثما أمروا بادروا إليه ولو كان هذا في الدنيا لكان أنفع لهم ولكن حيث لا ينفعهم كما قال تعالى : { أسمع بهم وأبصر يوم يأتوننا } وقال : { مهطعين إلى الداع } وقال محمد بن كعب القرظي : يحشر الله الناس يوم القيامة في ظلمة ويطوي السماء وتتناثر النجوم وتذهب الشمس والقمر وينادي مناد فيتبع الناس الصوت يؤمونه فذلك قوله : { يومئذ يتبعون الداعي لا عوج له } وقال قتادة : لا عوج له لا يميلون عنه وقال أبو صالح : لا عوج له أي لا عوج عنه .
وقوله : { وخشعت الأصوات للرحمن } قال ابن عباس : سكنت وكذا قال السدي { فلا تسمع إلا همسا } قال سعيد بن جبير عن ابن عباس : يعني وطء الأقدام وكذا قال عكرمة ومجاهد والضحاك والربيع بن أنس وقتادة وابن زيد وغيرهم وقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس { فلا تسمع إلا همسا } الصوت الخفي وهو رواية عن عكرمة والضحاك وقال سعيد بن جبير { فلا تسمع إلا همسا } الحديث وسره ووطء الأقدام فقد جمع سعيد كلا القولين وهو محتمل أما وطء الأقدام فالمراد سعي الناس إلى المحشر وهو مشيهم في سكون وخضوع وأما الكلام الخفي فقد يكون في حال دون حال فقد قال تعالى : { يوم يأت لا تكلم نفس إلا بإذنه فمنهم شقي وسعيد }