لما ذكر تعالى حال الأشقياء ثنى بذكر السعداء الذين آمنوا بالله وصدقوا المرسلين فيما جاؤوا به وعملوا بما أمروهم به من الأعمال الصالحة فلهم جنات عدن والعدن : الإقامة { تجري من تحتهم الأنهار } أي من تحت غرفهم ومنازلهم قال فرعون { وهذه الأنهار تجري من تحتي } الاية { يحلون } أي من الحلية { فيها من أساور من ذهب } وقال في المكان الاخر { ولؤلؤا ولباسهم فيها حرير } وفصله ههنا فقال { ويلبسون ثيابا خضرا من سندس وإستبرق } فالسندس ثياب رفاع رقاق كالقمصان وما جرى مجراها وأما الإستبرق فغليظ الديباج وفيه بريق .
وقوله : { متكئين فيها على الأرائك } الاتكاء قيل الاضطجاع وقيل التربع في الجلوس وهو أشبه بالمراد ههنا ومنه الحديث الصحيح [ أما أنا فلا آكل متكئا ] فيه القولان : والأرائك جمع أريكة وهي السرير تحت الحجلة والحجلة كما يعرفه الناس في زماننا هذا بالباشخاناة والله أعلم قال عبد الرزاق : أخبرنا معمر عن قتادة { على الأرائك } قال : هي الحجال قال معمر وقال غيره : السرر في الحجال .
وقوله : { نعم الثواب وحسنت مرتفقا } أي نعمت الجنة ثوابا على أعمالهم وحسنت مرتفقا أي حسنت منزلا ومقيلا ومقاما كما قال في النار { بئس الشراب وساءت مرتفقا } وهكذا قابل بينهما في سورة الفرقان في قوله : { إنها ساءت مستقرا ومقاما } ثم ذكر صفات المؤمنين فقال { أولئك يجزون الغرفة بما صبروا ويلقون فيها تحية وسلاما * خالدين فيها حسنت مستقرا ومقاما }