يقول تعالى : { ربكم أعلم بكم } أيها الناس أي أعلم بمن يستحق منكم الهداية ومن لا يستحق { إن يشأ يرحمكم } بأن يوفقكم لطاعته والإنابة إليه { أو إن يشأ يعذبكم وما أرسلناك عليهم وكيلا } أي إنما أرسلناك نذيرا فمن أطاعك دخل الجنة ومن عصاك دخل النار وقوله { وربك أعلم بمن في السموات والأرض } أي بمراتبهم في الطاعة والمعصية { ولقد فضلنا بعض النبيين على بعض } وكما قال تعالى { تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض منهم من كلم الله ورفع بعضهم درجات } وهذا لا ينافي ما ثبت في الصحيحين أن رسول الله صلى الله عليه وسلّم قال : [ لا تفضلوا بين الأنبياء ] فإن المراد من ذاك هو التفضيل بمجرد التشهي والعصبية لا بمقتضى الدليل فإذا دل الدليل على شيء وجب اتباعه ولا خلاف أن الرسل أفضل من بقية الأنبياء وأن أولي العزم منهم أفضلهم وهم الخمسة المذكورون نصا في آيتين من القرآن في سورة الأحزاب { وإذ أخذنا من النبيين ميثاقهم ومنك ومن نوح وإبراهيم وموسى وعيسى ابن مريم } وفي الشورى قوله : { شرع لكم من الدين ما وصى به نوحا والذي أوحينا إليك وما وصينا به إبراهيم وموسى وعيسى أن أقيموا الدين ولا تتفرقوا فيه } ولا خلاف أن محمدا صلى الله عليه وسلّم أفضلهم ثم بعده إبراهيم ثم موسى ثم عيسى عليهم السلام على المشهور وقد بسطناه بدلائله في غير هذا الموضع والله الموفق وقوله تعالى : { وآتينا داود زبورا } تنبيه على فضله وشرفه قال البخاري : حدثنا إسحاق بن نصر أخبرنا عبد الرزاق أخبرنا معمر عن همام عن أبي هريرة Bه عن النبي صلى الله عليه وسلّم قال : [ خفف على داود القرآن فكان يأمر بدابته فتسرج فكان يقرؤه قبل أن يفرغ ] يعني القرآن