يقول تعالى ناهيا عن قتل النفس بغير حق شرعي كما ثبت في الصحيحين أن رسول الله صلى الله عليه وسلّم قال : [ لا يحل دم امرىء مسلم يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله إلا بإحدى ثلاث : النفس بالنفس والزاني المحصن والتارك لدينه المفارق للجماعة ] وفي السنن [ لزوال الدنيا عند الله أهون من قتل مسلم ] وقوله : { ومن قتل مظلوما فقد جعلنا لوليه سلطانا } أي سلطة على القاتل فإنه بالخيار فيه إن شاء قتله قودا وإن شاء عفا عنه على الدية وإن شاء عفا عنه مجانا كما ثبتت السنة بذلك فإنه بالخيار الإمام الحبر ابن عباس من عموم هذه الاية الكريمة ولاية معاوية السلطنة أنه سيملك لأنه كان ولي عثمان وقد قتل مظلوما Bه وكان معاوية يطالب عليا Bه أن يسلمه قتلته حتى يقتص منهم لأنه أموي وكان علي Bه يستمهله في الأمر حتى يتمكن ويفعل ذلك ويطلب علي من معاوية أن يسلمه الشام فيأبى معاوية ذلك حتى يسمله القتلة وأبى أن يبايع عليا هو وأهل الشام ثم مع المطاولة تمكن معاوية وصار الأمر إليه كما قاله ابن عباس واستنبطه من هذه الاية الكريمة وهذا من الأمر العجب .
وقد روى ذلك الطبراني في معجمه حيث قال : حدثنا يحيى بن عبد الباقي حدثنا أبوعمير بن النحاس حدثنا ضمرة بن ربيعة عن ابن شودب عن مطر الوراق عن زهدم الجرمي قال : كنا في سمر ابن عباس فقال : إني محدثكم بحديث ليس بسر ولا علانية إنه لما كان من أمر هذا الرجل ما كان ( يعني عثمان ) قلت لعلي : اعتزل فلو كنت في جحر طلبت حتى تستخرج فعصاني وايم الله ليتأمرن عليكم معاوية وذلك أن الله يقول : { ومن قتل مظلوما فقد جعلنا لوليه سلطانا فلا يسرف في القتل } الاية وليحملنكم قريش على سنة فارس والروم وليقيمن عليكم النصارى واليهود والمجوس فمن أخذ منكم يومئذ بما يعرف نجا ومن ترك ـ وأنتم تاركون ـ كنتم كقرن من القرون هلك فيمن هلك وقوله : { فلا يسرف في القتل } قالوا : معناه فلا يسرف الولي في قتل القاتل بأن يمثل به أو يقتص من غير القاتل وقوله : { إنه كان منصورا } أي إن الولي منصور على القاتل شرعا وغالبا قدرا