اختلف القراء في قراءة قوله { أمرنا } فالمشهور قراءة التخفيف واختلف المفسرون فيها معناها فقيل : معناها أمرنا مترفيها ففسقوا فيها أمرا قدريا كقوله تعالى : { أتاها أمرنا ليلا أو نهارا } فإن الله لا يأمر بالفحشاء قالوا : معناه أنه سخرهم إلى فعل الفواحش فاستحقوا العذاب وقيل : معناه أمرناهم بالطاعات ففعلوا الفواحش فاستحقوا العقوبة رواه ابن جريج عن ابن عباس وقاله سعيد بن جبير أيضا وقال ابن جرير : يحتمل أن يكون معناه جعلناهم أمراء قلت إنما يجيء هذا على قراءة من قرأ { أمرنا مترفيها } قال علي بن طلحة عن ابن عباس قوله : { أمرنا مترفيها ففسقوا فيها } يقول : سلطنا أشرارها فعصوا فيها فإذا فعلوا ذلك أهلكهم الله بالعذاب وهو قوله : { وكذلك جعلنا في كل قرية أكابر مجرميها } الاية وكذا قال أبو العالية ومجاهد والربيع بن أنس .
وقال العوفي عن ابن عباس { وإذا أردنا أن نهلك قرية أمرنا مترفيها ففسقوا فيها } يقول أكثرنا عددهم وكذا قال عكرمة والحسن والضحاك وقتادة وعن مالك عن الزهري { أمرنا مترفيها } أكثرنا وقد استشهد بعضهم بالحديث الذي رواه الإمام أحمد حيث قال : حدثنا روح بن عبادة حدثنا أبو نعيم العدوي عن مسلم بن بديل عن إياس بن زهير عن سويد بن هبيرة عن النبي صلى الله عليه وسلّم قال [ خير مال امرىء له مهرة مأمورة أو سكة مأبورة ] قال الإمام أبو عبيد القاسم بن سلام C في كتابه الغريب : [ المأمورة كثيرة النسل والسكة الطريقة المصطفة من النخل والمأبورة من التأبير ] وقال بعضهم : إنما جاء هذا متناسبا كقوله [ مأزورات غير مأجورات ]