يلقب عيدان بفتح المهملة وسكون التحتانية فنشأ أبو الطيب وتصحب الأعراب وأكثر من ملازمة الوراقين أنه رأى معه كتابا من كتب الأصمعي نحو ثلاثين ورقة فأطال النظر فيه قال فقيل له أن كنت تريد حفظه فيكون بعد شهر فقال سوء أن كنت حفظته في هذه المدة قلت فهو لك قال فأخذت الدفتر من يده فسرده ثم أسلبه فجعله في كمه قال وكان يخرج إلى بادية كلب فأقام فيهم فادعى أنه علوي ثم ادعى النبوة ثم أخذ فحبس طويلا واستتيب وكان لؤلؤ أمير حمص خرج إليه فقتله وشرد من معه من قبائل العرب وكان بعد ذلك إذا ذكر له ذلك ينكره ويجحده قيل أن الشيخ أبا علي الفارسي قال له يوما كم لنا من الجموع على وزن فعلي يعني بكسر أوله مقصورا فقال المتنبي في الحال حجلي وظربي قال أبو علي فطالعت كتب اللغة ثلاث ليال على أن أجد لهذين الجمعين ثالثا فلم أجد وحجلي جمع حجل وهو طائر معروف وظربي جمع ظربان وهي دويبة منتنة الرائحة قال بن خلكان اعتنى العلماء بديوانه فشرحوه حتى قال لي بعض شيوخي وقفت له على أكثر من أربعين شرحا ما بين مطول ومختصر ولم يفعل هذا بديوان غيره وقال أبو العباس النامي كان قد بقي ما لشعر زاوية دخلها المتنبي به وكان يستجيد قوله ... رماني الدهر بالأرزاء حتى ... فؤادى في غشاء من نبال ... ... فصرت إذا أصابتني سهام ... تكسرت النصال على النصال ... وقوله ... في حجفل ستر العيون غباره ... فكأنما يبصرن بالآذان ... وكان ولد كما تقدم سنة 3 وقيل سنة أحدى وثلاث مائة واتفقوا على أنه قتل في شهر رمضان سنة أربع وخمسين وثلاث مائة قال القاضي بن أم شيبان سألته عن معنى المتنبي قال هو لقب من الألقاب أوله سبب من الأسباب فقال هذا شيء كان في الحداثة أوجبته صورة قال فلم استقص عليه استحياء منه والجواب الذي أجاب به لا يعبن أحد الإحتمالين وذكر علي بن منصور في رسالته إلى المعري أن المتنبي قبض عليه في وزارة علي بن عيسى وحبس ثم أحضره وسأله فاعترف بادعاء النبوة فأمر بصفعه فصفع خمسين صفعة وأعيد إلى الحبس ويقال أن بن خالويه قاله له في مجلس سيف الدولة لولا أنك جاهل ما رضيت أن تدعي المتنبي ومعنى المتنبي كاذب والعاقل لا يرضى أن يدعي الكاذب فأجابه بأني لا أرضى بهذا ولا أقدر على دفع من يدعوني به واستمرت بينهما المشاجرة الى أن غضب بن خالويه فضربه بمفتاح فخرج من حلب إلى مصر سنة 46 ومما يذكر من سرعة جوابه وقوة استحضاره أنه حضر مجلس الوزير بن خنزابة وفيه أبو علي الآمدي الأديب المشهور فأنشد المتنبي أبياتا جاء فيها إنما التهنيات للأكفاء فقال له أبو علي التهنية مصدر والمصدر لا يجمع فقال المتنبي لآخر بجنبه أمسلم هو فقال سبحان الله هذا أستاذ الجماعة أو على الآمدي قال فإذا صلى المسلم وتشهد أليس يقول التحيات قال فخجل أبو علي وقام