أسلم في السنة الثانية من المبعث وكان سبب إسلامه ما أخبرنا به أبو جعفر عبيد الله بن أحمد بإسناده إلى يونس بن بكير عن محمد بن إسحاق قال : إن أبا جهل اعترض رسول الله A فآذاه وشتمه وقال منه ما يكره من العيب لدينه والتضعيف له فلم يكلمه رسول الله A ومولاة لعبد الله بن جدعان التيمي في مسكن لها فوق الصفا تسمع ذلك ثم انصرف عنه فعمد إلى ناد لقريش عند الكعب فجلس معهم ولم يلبث حمزة بن عبد المطلب Bه أن أقبل متوشحا قوسه راجعا من قنص له وكان صاحب قنص يرميه ويخرج له وكان إذا رجع من قنصه لم يرجع إلى أهله حتى يطوف بالكعبة وكان إذا فعل ذلك لم يمر على ناد من قريش إلا وقف وسلم وتحدث معهم وكان أعز قريش وأشدها شكيمة وكان يومئذ مشركا على دين قومه فلما مر بالمولاة وقد قام رسول الله A فرجع إلى بيته فقالت له : يا أبا عمارة لو رأيت ما لقي ابن أخيك محمد من أبي الحكم آنفا وجده ها هنا فآذاه وشتمه وبلغ منه ما يكره ثم انصرف عنه ولم يكلمه محمد .
فاحتمل حمزة الغضب لما أراد الله تعالى به من كرامته فخرج سريعا لا يقف على أحد كما كان يصنع يريد الطواف بالبيت معدا لأبي جهل أن يقع به فلما دخل المسجد نظر إليه جالسا في القوم فأقبل نحوه حتى إذا قام على رأسه رفع القوس فضربه بها ضربة شجه شجة منكرة وقامت رجال من قريش من بني مخزوم إلى حمزة لينصروا أبا جهل فقالوا : ما نراك يا حمزة إلا قد صبأت فقال حمزة : وما يمنعني وقد استبان لي منه ذلك أنا أشهد أنه رسول الله A وأن الذي يقول الحق فو الله لا أنزع فامنعوني إن كنتم صادقين قال أبو جهل : دعوا أبا عمارة فإني والله لقد سببت ابن أخيه سبا قبيحا . وتم حمزة على إسلامه فلما أسلم حمزة عرفت قريش أن رسول الله A قد عز وامتنع وأن حمزة سيمنعه فكفوا عن بعض ما كانوا يتناولون منه .
ثم هاجر إلى المدينة وشهد بدرا وأبلى بلاء عظيما مشهورا قتل شيبة بن ربيعة بن عبد شمس مبارزة وشرك في قتل عتبة اشترك هو وعلي Bهما في قتله وقتل أيضا طعيمة بن عدي بن نوفل بن عبد مناف أخا المطعم بن عدي .
قال أبو الحسن المدائني : أول لواء عقده رسول الله A لحمزة بن عبد المطلب Bه بعثه في سرية إلى سيف البحر من أرض جهينة وخالفه ابن إسحاق فقال : أول لواء عقده لعبيدة بن الحارث بن المطلب .
وكان حمزة يعلم في الحرب بريشة نعامة وقاتل يوم بدر بين يدي رسول الله A بسيفين وقال بعض أسارى الكفار : من الرجل المعلم بريشة نعامة قالوا : حمزة Bه . قال : ذاك فعل بنا الأفاعيل .
وشهد أحدا فقتل بها يوم السبت النصف من شوال وكان قتل من المشركين قبل أن يقتل واحدا وثلاثين نفسا منهم : سباع الخزاعي قال له حمزة : هلم إلي يا ابن مقطعة البظور وكانت أمه ختانة فقتلته .
قال ابن إسحاق : كان حمزة يقاتل يومئذ بسيفين فقال قائل : أي أسد هو حمزة ! .
فبينما هو كذلك إذ عثر عثرة وقع منها على ظهره فانكشف الدرع عن بطنه فزرقه وحشي الحبشي مولى جبير بن مطعم بحرية فقتله