فرأيت أن أجمع بين هذه الكتب وأضيف إليها ما شذ عنها ما استدركه أبو علي الغساني علي أبي عمر بن عبد البر كذلك أيضا ما استدركه عليه آخرون وغير من ذكرنا فلا نطول بتعداد أسمائهم هنا ورأيت ابن منده وأبا نعيم وأبا موسى عندهم أسماء ليست عند ابن عبد البر وعند ابن عبد البر أسماء ليست عندهم . فعزمت أن أجمع بين كتبهم الأربعة وكانت العوائق تمنع والأعذار تصد عنه وكنت حينئذ ببلدي وفي وطني وعندي كتبي وما أراجعه من أصول سماعاتي وما أنقل منه فلم يتيسر ذلك لصداع الدنيا وشواغلها .
فاتفق أني سافرت إلى البلاد الشامية عازما على زيارة البيت المقدس - جعله الله سبحانه وتعالى دارا للإسلام أبدا - فلما دخلتها اجتمع بي جماعة من أعيان المحدثين وممن يعتني بالحفظ والإتقان فكان فيما قالوه : إننا نرى كثيرا من العلماء الذين جمعوا أسماء الصحابة يختلفون في النسب والصحبة والمشاهد التي شهدها الصاحب ؛ إلى غير ذلك من أحوال الشخص ولا نعرف الحق فيه وحثوا عزمي على جمع كتاب لهم في أسماء الصحابة - Bهم - ؛ أستقصي فيه ما وصل إلي من أسمائهم وأبين فيه الحق فيما اختلفوا فيه والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم ؛ مع الإتيان بما ذكروه واستدراك ما فاتهم فاعتذرت إليهم بتعذر وصولي إلى كتبي وأصولي وأنني بعيد الدار عنها ولا أرى النقل إلا منها فألحوا في الطلب ؛ فثار العزم الأول وتجدد عندي ما كنت أحدث به نفسي وشرعت في جمعه والمبادرة إليه وسألت الله تعالى أن يوفقني إلى الصواب في القول والعمل وأن يجعله خالصا لوجهه الكريم بمنه وكرمه .
واتفق أن جماعة كانوا قد سمعوا علي أشياء بالموصل وساروا إلى الشام فنقلت منها أحاديث مسندة وغير ذلك ثم إنني عدت إلى الوطن بعد الفراغ منه وأردت أن أكثر الأسانيد وأخرج الأحاديث التي فيه بأسانيدها فرأيت ذلك متعبا يحتاج أن أنقض كل ما جمعت فحملني الكسل وحب الدعة والميل إلى الراحة إلى أن نقلت ما تدعو الضرورة إليه مما لا يخل بترتيب ولا يكثر إلى حد الإضجار والإملال .
وأنا أذكر كيفية وضع هذا الكتاب ليعلم من يراه شرطنا وكيفيته والله المستعان فأقول .
إني جمعت بين هذه الكتب كما ذكرته قبل وعلمت على الاسم علامة ابن منده صورة " د " وعلامة أبي نعيم صورة " ع " وعلامة ابن عبد البر صورة " ب " وعلامة أبي موسى صورة " س " فإن كان الاسم عند الجميع علمت عليه جميع العلائم وإن كان عند بعضهم علمت عليه علامته وأذكر في آخر كل ترجمة اسم من أخرجه ؛ وإن قلت أخرجه الثلاثة فأعني ابن منده وأبا نعيم وأبا عمر بن عبد البر ؛ فإن العلائم ربما تسقط من الكتابة وتنسى ولا أعني بقولي أخرجه فلان وفلان أو الثلاثة أنهم أخرجوا جميع ما قلته في ترجمته ؛ فلو نقلت كل ما قالوه لجاء الكتاب طويلا ؛ لأن كلامهم يتداخل ويخالف بعضهم البعض في الشيء بعد الشيء وإنما أعني أنهم أخرجوا الاسم .
ثم إني لا أقتصر على ما قالوه إنما أذكر ما قاله غيرهم من أهل العلم وإذا ذكرت اسما ليس عليه علامة أحدهم فهو ليس في كتبهم . ورأيت ابن منده وأبا نعيم قد أكثرا من الأحاديث والكلام عليه وذكرا عللها ولم يكثرا من ذكر نسب الشخص ولا ذكر شيء من أخباره وأحواله وما يعرف به ورأيت أبا عمر قد استقصى ذكر الأنساب وأحوال الشخص ومناقبه وكل ما يعرفه به حتى إنه يقول : هو ابن أخي فلان وابن عم فلان وصاحب الحادثة الفلانية وكان هذا هو المطلوب من التعريف ؛ أما ذكر الأحاديث وعللها وطرقها فهو بكتب الحديث أشبه ؛ إلا أني نقلت من كلام كل واحد منهم أجوده وما تدعو الحاجة إليه طلبا للاختصار ولم أخل بترجمة واحدة من كتبهم جميعها بل أذكر الجميع حتى إنني أخرج الغلط كما ذكره المخرج له وأبين الحق والصواب فيه إن علمته ؛ إلا أن يكون أحدهم قد أعاد الترجمة بعينها فأتركها وأذكر ترجمة واحدة وأقول : قد أخرجها فلان في موضعين من كتابه .
وأما ترتيبه ووضعه فإنني جعلته على حروف أ ب ت ث ولزمت في الاسم الحرف الأول والثاني الثالث وكذلك إلى آخر الاسم وكذلك أيضا في اسم الأب والجد ومن بعدهما والقبائل أيضا