وأخبرنا غير واحد بإسنادهم عن محمد بن إسماعيل أخبرنا يحيى بن بكير حدثنا الليث عن عقيل عن ابن شهاب عن عروة بن الزبير عن عائشة أنها قالت : " أول ما بدئ به رسول الله A من الوحي الرؤيا الصالحة في النوم ؛ كان لا يرى رؤيا إلا جاءت مثل فلق الصبح ثم حبب إليه الخلاء ؛ فكان يخلو بغار حراء فيتحنث فيه - وهو التعبد - الليالي ذوات العدد حتى جاءه الحق وهو في غار حراء فجاءه الملك فقال : اقرأ فقال : ما أنا بقارئ قال : فأخذني فغطني حتى بلغ مني الجهد ثم أرسلني فقال : اقرأ فقلت : ما أنا بقارئ قال : فأخذني فغطني الثانية حتى بلغ مني الجهد ثم أرسلني فقال : اقرأ قلت : ما أنا بقارئ فأخذني فغطني الثالثة ثم أرسلني فقال : " اقرأ باسم ربك الذي خلق خلق الإنسان من علق اقرأ وربك الأكرم " فرجع بها رسول الله A يرجف فؤاده فدخل على خديجة وذكر الحديث في ذهابها إلى ورقة بن نوفل .
وروي عن جابر بإسناد صحيح : أن أول ما نزل من القرآن " يا أيها المدثر " .
أخبرنا أبو جعفر بإسناده عن يونس عن ابن إسحاق قال : فابتدئ رسول الله A بالتنزيل يوم الجمعة في رمضان بقول الله D " شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن " إلى آخر الآية . وقال تعالى : " وما أنزلنا على عبدنا يوم الفرقان يوم التقى الجمعان " وذلك ملتقى رسول الله A والمشركين يوم بدر صبيحة الجمعة لسبع عشرة مضت من رمضان .
وقال يونس عن بشر بن أبي حفص الكندي الدمشقي قال : حدثني مكحول أن رسول الله A قال لبلال : " لا يغادرنك صيام يوم الاثنين فإني ولدت يوم الاثنين وأوحي إلي يوم الاثنين وهاجرت يوم الاثنين " .
ثم إن جبريل عليه السلام علم رسول الله A الوضوء والصلاة ركعتين فأتى خديجة فأخبرها فتوضأت وصلت ركعتين معه وقيل : كانت الصلاة الضحى والعصر .
ثم دعا الناس إلى الإسلام وقد ذكرنا أول من أسلم في أبي بكر وعلي وزيد بن حارثة واستجاب له نفر من الناس سرا حتى كثروا فظهر أمرهم والوجوه من كفار قريش غير منكرين لما يقول وكان إذا مر بهم يقولون : " إن محمدا يكلم من السماء " فلم يزالوا كذلك حتى أظهر عيب آلهتهم وأخبرهم أن آباءهم ماتوا على الكفر والضلال وأنهم في النار فعادوه وأبغضوه وآذوه وكان أصحابه إذا صلوا انطلقوا إلى الأودية وصلوا سرا ولما أظهرت قريش عداوته حدب عليه أبو طالب عمه ونصره ومنعه ثم إن رسول الله A لما خاف كفار قريش اختفى هو ومن معه في دار الأرقم بن أبي الأرقم المخزومي إلى أن أسلم عمر فخرجوا ووثبت قريش على من فيها من المستضعفين فعذبوهم وذكرنا ذلك في أسمائهم مثل : بلال وعمار وصهيب وغيرهم ثم إن المسلمين هاجروا إلى الحبشة هجرتين على ما نذكره إن شاء الله تعالى وأرادت قريش قتل رسول الله A وأن يترك أبو طالب بينهم وبينه فلم يفعل ؛ فكتبوا صحيفة . على أن يقاطعوا بني هاشم وبني المطلب ومن أسلم معهم ولا يناكحوهم ولا يبايعونهم ولا يكلموهم ولا يجلسوا إليهم ؛ على ما نذكره إن شاء الله تعالى .
ذكر وفاة خديجة وأبي طالب .
وذهاب رسول الله إلى الطائف وعوده .
قال رسول الله A : " مازالت قريش كاعة عني حتى مات عمي أبو طالب " . وفي السنة العاشرة أول ذي القعدة وقيل : النصف من شوال توفي أبو طالب وكان عمره بضعا وثمانين سنة ثم توفيت بعده خديجة بثلاثة أيام وقيل بشهر وقيل : كان بينهما شهر وخمسة أيام وقيل : خمسون يوما ودفنها رسول الله A بالحجون ولم تكن الصلاة على الجنائز يومئذ وقيل : إنها ماتت قبل أبي طالب وكان عمرها خمسا وستين سنة وكان مقامها مع رسول الله A بعد ما تزوجها أربعا وعشرين سنة وستة أشهر وكان موتها قبل الهجرة بثلاث سنين وثلاثة أشهر ونصف وقيل : قبل الهجرة بسنة والله أعلم .
قال عروة : ما ماتت خديجة إلا بعد الإسراء وبعد أن صلت الفريضة مع رسول الله A ولما اشتد بأبي طالب مرضه دعا بني عبد المطلب فقال : إنكم لن تزالوا بخير ما سمعتم قول محمد واتبعتم أمره ؛ فاتبعوه وصدقوه ترشدوا