قال الزبير : وحدثني عمي مصعب بن عبد الله عن جدي عبد الله بن مصعب قال : كان مخرمة بن نوفل بن أهيب الزهري شيخا كبيرا بالمدينة أعمى وكان قد بلغ مائة وخمس عشرة سنة فقام يوما في المسجد يريد أن يبول فصاح به الناس فأتاه نعيمان بن عمرو بن رفاعة بن الحارث بن سواد النجاري فتنحى به ناحية من المسجد ثم قال : اجلس ها هنا فأجلسه يبول وتركه فبال وصاح به الناس فلما فرغ قال : من جاء بي ويحكم في هذا الموضع قالوا له : النعيمان بن عمرو . قال : فعل الله به وفعل أما إن لله علي إن ظفرت به أن أضربه بعصاي هذه ضربة تبلغ منه ما بلغت فمكث ما شاء الله حتى نسي ذلك مخرمة . ثم أتاه يوما وعثمان قائم يصلي في ناحية المسجد وكان عثمان إذا صلى لم يلتفت فقال له : هل لك في نعيمان قال : نعم أين هو دلني عليه . فأتى به حتى أوقفه على عثمان فقال : دونك هذا هو فجمع مخرمة يديه بعصاه فضرب عثمان فشجه فقيل له : إنما ضربت أمير المؤمنين عثمان فسمعت بذلك بنو زهرة فاجتمعوا في ذلك فقال عثمان دعوا نعيمان لعن الله نعيمان فقد شهد بدرا .
قال الزبير : وحدثني يحيى بن محمد قال : حدثني يعقوب بن جعفر بن أبي كثير حدثنا أبو طوالة الأنصاري عن محمد ابن عمرو بن حزم عن أبيه قال : كان بالمدينة رجل يقال له نعيمان يصيب الشراب فكان يؤتى به النبي A فيضربه بنعله ويأمر أصحابه فيضربونه بنعالهم ويحثون عليه التراب فلما كثر ذلك منه قال له رجل : من أصحاب النبي A لعنك الله فقال رسول الله A : " لا تفعل فإنه يحب الله ورسوله " . قال : وكان لا يدخل في المدينة رسل ولا طرفة إلا اشترى منها ثم جاء به إلى النبي A فقال : يا رسول الله هذا هدية لك فإذا جاء صاحبه يطلب ثمنه من نعيمان جاء به إلى النبي A فقال : أعط هذا ثمن هذا فيقول رسول الله A : " أو لم تهده لي " . فيقول يا رسول الله لم يكن عندي ثمنه وأحببت أن تأكله فيضحك النبي A ويأمر لصاحبه بثمنه .
قال أبو عمر : كان نعيمان رجلا صالحا على ما كان فيه من دعابة وكان له ابن قد انهمك في شرب الخمر فجلده رسول الله A أربع مرات فلعنه رجل كان عند رسول الله A فقال له رسول الله A : " لا تلعنه فإنه يحب الله ورسوله " . وفي جلد رسول الله A إياه في الخمر أربع مرات نسخ لقوله عليه السلام : " فإن شربها الرابعة فاقتلوه " . يقال إنه مات في زمن معاوية ويقال : بل ابنه الذي مات في زمن معاوية .
نفيع أبو بكرة .
ويقال : نفيع بن مسروح ويقال : نفيع بن الحارث ابن كلدة وكان أبو بكرة من عبيد الحارث بن كلدة بن عمرو الثقفي فاستلحقه وهو ممن غلبت عليه كنيته وأمه سمية أمة للحارث بن كلدة وهي أم زياد بن أبي سفيان .
قال أحمد بن زهير : سمعت أبي يقول أبو بكرة نفيع بن مسروح قال : وحدثنا أبي قال : حدثنا حميد بن عبد الرحمن الرواسي عن الحسن بن صالح عن أبيه عن الشعبي قال : أرادوا أبا بكرة على الدعوة فأبى وقال لبنيه : عند الموت أبى مسروح الحبشي قال : وسمعت أحمد بن حنبل يقول أبو بكرة نفيع بن الحارث والأكثر يقولون : نفيع بن الحارث كما قال أحمد وقال أحمد بن زهير سمعت يحيى بن معين يقول : أملي على هوذة بن خليفة نسبه فلما بلغ إلى أبي بكرة قلت : ابن من قال : لا تزد دعه .
وذكره أحمد بن زهير في موالي النبي A قال : أخبرنا الحسن بن حماد قال : حدثنا عبد الرحيم بن سليمان عن حجاج عن الحكم عن مقاسم عن ابن عباس قال : خرج غلامان يوم الطائف إلى رسول الله A فأعتقهما أحدهما أبو بكرة فكانا من مواليه .
قال : وأخبرنا عثمان قال : حدثنا حماد بن سلمة قال : حدثنا علي ابن زيد عن عبد الرحمن بن أبي بكرة قال : أتيت عبد الله بن عمرو في فئة فقال لي : من أنت فقلت : عبد الرحمن بن أبي بكرة قلنا : أما تذكر الرجل الذي وثب إلى النبي A من سور الطائف فرحب بي ويقال : إن أبا بكرة تدلى من حصن الطائف ببكرة ونزل إلى رسول الله A فكناه رسول الله أبا بكرة