روى عبد الرحمن بن أذنية العبدي عن أبيه أذنية بن سلمة العبدي قال : أتيت عمر بن الخطاب Bه فسألته : من أين أعتمر فقال : إيت عليا فاسأله . وذكر الحديث . وفيه وقال عمر : ما أجد لك إلا ما قال علي . وسأل شريح ابن هانىء عائشة أم المؤمنين Bها عن المسح على الخفين فقالت : إيت عليا فاسأله . وذكر الحديث .
وروى معمر عن وهب بن عبد الله عن أبي الطفيل قال : شهدت عليا يخطب وهو يقول : سلوني فوالله لا تسألوني عن شيء إلا أخبرتكم وسلوني عن كتاب الله فوالله ما من آية إلا وأنا أعلم أبليل نزلت أم بنهار أم في سهل أم في جبل .
وقال سعيد بن عمرو بن سعيد بن العاص : قلت لعبد الله بن عياش ابن أبي ربيعة : يا عم لو كان صغو الناس إلى علي فقال : يا بن أخي إن عليا عليه السلام كان له ما شئت من ضرس قاطع في العلم وكان له البسطة في العشيرة والقدم في الإسلام والصهر لرسول الله A والفقه في المسألة والنجدة في الحرب والجود في الماعون .
حدثنا عبد الله بن محمد بن يوسف قال : حدثنا يحيى بن مالك بن عابد قال : حدثنا أبو الحسن محمد بن محمد بن سلمة البغدادي بمصر قال : حدثنا أبو بكر محمد بن الحسن بن دريد قال : أخبرنا العكلي عن الحرمازي عن رجل من همدان قال : قال معاوية لضرار الصدائي : يا ضرار صف لي عليا . قال : أعفني يا أمير المؤمنين . قال : لتصفنه . قال : أما إذ لا بد من وصفه فكان والله بعيد المدى شديد القوى يقول فصلا ويحكم عدلا يتفجر العلم من جوانبه وتنطق الحكمة من نواحيه . ويستوحش من الدنيا وزهرتها ويستأنس بالليل ووحشته وكان غزير العبرة . طويل الفكرة يعجبه من اللباس ما قصر ومن الطعام ما خشن . وكان فينا كأحدنا يجيبنا إذا سألناه وينبئنا إذا استنبأناه . ونحن والله مع تقريبه إيانا وقربه منا لا نكاد نكلمه هيبة له . يعظم أهل الدين ويقرب المساكين لا يطمع القوي في باطله ولا ييئس الضعيف من عدله . وأشهد أنه لقد رأيته في بعض مواقفه وقد أرخى الليل سدوله وغارت نجومه قابضا على لحيته يتململ تململ السليم ويبكي بكاء الحزين ويقول : يا دنيا غري غيري ألي تعرضت أم إلي تشوقت هيهات هيهات قد باينتك ثلاثا لا رجعة فيها فعمرك قصير وخطرك قليل . آه من قلة الزاد وبعد السفر ووحشة الطريق . فبكى معاوية وقال : رحم الله أبا الحسن كان والله كذلك فكيف حزنك عليه يا ضرار قال : حزن من ذبح ولدها وهو في حجرها .
وكان معاوية يكتب فيما ينزل به ليسأل له علي بن أبي طالب Bه عن ذلك فلما بلغه قتله قال : ذهب الفقه والعلم بموت ابن أبي طالب . فقال له أخوه عتبة : لا يسمع هذا منك أهل الشام . فقال له : دعني عنك .
وروى أبو سعيد الخدري وغيره عن النبي A أنه قال : " تمرق مارقة في حين اختلاف من المسلمين يقتلها أولى الطائفتين بالحق " . وقال طاوس : قيل لابن عباس : أخبرنا عن أصحاب رسول الله A أخبرنا عن أبي بكر . قال : كان والله خيرا كله مع حدة كانت فيه . قلنا : فعمر قال : كان والله كيسا حذرا كالطير الحذر الذي قد نصب له الشرك فهو يراه ويخشى أن يقع فيه مع العنف وشدة السير . قلنا : فعثمان قال : كان والله صواما قواما من رجل غلبته رقدته . قلنا : فعلي قال : كان والله قد ملىء علما وحكما من رجل غرته سابقته وقرابته فقلما أشرف على شيء من الدنيا إلا فاته . فقيل : إنهم يقولون : كان محدودا . فقال : أنتم تقولون ذلك .
وروى الحكم بن عتيبة عن أبي عبد الرحمن السلمي قال : ما رأيت أحدا أقرأ من علي صلينا خلفه فقرأ برزخا فأسقط حرفا ثم رجع فقرأه ثم عاد إلى مكانه .
فسر أهل اللغة البرزخ هذا بأنه كان بين الموضع الذي كان يقرأ فيه وبين الموضع الذي كان أسقط منه الحرف ورجع إليه قرآن كثير . قالوا والبرزخ : ما بين الشيئين وجمعه برازخ . والبرزخ : ما بين الدنيا والآخرة . وسئل ابن مسعود عن الوسوسة فقال : هي برزخ بين الشك واليقين . وقد ذكرنا في باب أبي بكر الصديق Bه أنه إنما كان تأخر علي عنه تلك الأيام لجمعه القرآن