أخبرنا عبد الوراث بن سفيان حدثنا قاسم بن أصبغ حدثنا أحمد بن زهير قال : حدثنا محمود بن غيلان قال : حدثنا الفضل بن موسى حدثنا محمد بن عمرو عن يحيى بن عبد الرحمن بن حاطب عن أبيه أن عمر ابن الخطاب قال لصهيب : إنك تدعى إلى النمر بن قاسط وأنت رجل من المهاجرين الأولين ممن أنعم الله عليه بالإسلام . قال صهيب : أما ما تزعم أني ادعيت إلى النمر ابن قاسط فإن العرب كانت تسبى بعضها بعضا فسبوني وقد عقلت مولدي وأهلي فباعوني بسواد الكوفة فأخذت لسانهم ولو أني كنت من روثة حمار ما ادعيت إلا إليها .
وأخبرني سعيد بن نصر وعبد الوراث بن سفيان قالا : حدثنا قاسم ابن أصبغ حدثنا محمد بن إسمعيل الصائغ حدثنا يحيى بن أبي بكير حدثنا زهير بن محمد قال : حدثنا محمد بن عبد الله بن محمد بن عقيل عن حمزة بن صهيب أن صهيبا كان يكنى أبا يحيى .
وزعم أنه كان من العرب وكان يطعم الطعام الكثير فقال له عمر : يا صهيب مالك تتكنى بأبي يحيى وليس لك ولد وتزعم أنك من العرب وتطعم الطعام الكثير وذلك سرف في المال فقال له صهيب : إن رسول الله A كناني بأبي يحيى وأما قولك في النسب فإني رجل من النمر بن قاسط من أنفسهم ولكني سبيت غلاما صغيرا قد عقلت أهلي وقومي وأما قولك في الطعام فإن رسول الله A كان يقول : " خياركم من أطعم الطعام ورد السلام فذلك الذي يحملني على أن أطعم " .
وحدثني عبد الرزاق حدثنا قاسم بن أصبغ حدثنا أحمد بن زهير حدثنا مصعب بن عبد الله حدثني أبي حدثني ربيعة بن عثمان عن زيد بن أسلم عن أبيه قال : خرجت مع عمر بن الخطاب Bه حتى دخل على صهيب حائطا له بالعالية فلما رآه صهيب قال : يا ناس يا ناس فقال عمر : لا أبا له ! .
يدعو الناس ! .
فقلت إنما يدعو غلاما يدعى يحنس . فقال عمر : ما فيك شيء أعيبه يا صهيب إلا ثلاث خصال لولاهن ما قدمت عليك أحدا . هل أنت مخبري عنهن قال صهيب : ما أنت بسائلي عن شيء إلا صدقتك عنه . قال : أراك تنتسب عربيا ولسانك أعجمي وتتكنى بأبي يحيى اسم نبي وتبذر مالك . قال : أما تبذيري مالي فما أنفقه إلا في حقه . وأما اكتنائي بأبي يحيى فإن رسول الله A كناني بأبي يحيى أفأتركها لك . وأما انتسابي إلى العرب فإن الروم سبتني صغيرا فأخذت لسانهم وأنا رجل من النمر بن قاسط لو انفلقت عني روثة لانتسبت إليها .
حدثنا سعد بن نصر حدثنا قاسم بن أصبغ حدثنا جعفر بن محمد الصائغ حدثنا عفان بن مسلم حدثنا عبد الوارث حدثنا قاسم حدثنا أحمد بن زهير وموسى بن إسماعيل قالا حدثنا حماد بن سلمة عن علي بن زيد عن سعيد ابن المسيب قال : خرج صهيب مهاجرا إلى رسول الله A فاتبعه نفر من المشركين فانتثر ما في كنانته وقال لهم : يا معشر قريش قد تعلمون أني من أرماكم ووالله لا تصلون إلي حتى أرميكم بكل سهم معي ثم أضربكم بسيفي ما بقي منه في يدي شيء فإن كنتم تريدون مالي دللتكم عليه قالوا : فدلنا على مالك ونخلي عنك . فتعاهدوا على ذلك فدلهم ولحق برسول الله A فقال له رسول الله A : " ربح البيع أبا يحيى " . فأنزل الله تعالى فيه : " ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضاة الله والله رءوف بالعباد " .
قال أبو عمر : وكان صهيب مع فضله وورعه حسن الخلق مداعبا روينا عنه أنه قال : جئت النبي A وهو نازل بقباء وبين أيديهم رطب وتمر وأنا أرمد فأكلت فقال النبي A : " نأكل التمر على عينك " فقلت : يا رسول الله آكل في شق عيني الصحيحة . فضحك رسول الله A حتى بدت نواجذه .
وأوصى إليه عمر بالصلاة بجماعة المسلمين حتى يتفق أهل الشورى استخلفه على ذلك ثلاثا وهذا مما أجمع عليه أهل السير والعلم بالخبر