متى يبد في الداجي البهيم جبينه ... يلح مثل مصباح الدجى المتوقد .
فمن كان أو من قد يكون كأحمد ... نظام لحق أو نكال لملحد .
وروينا عن حديث عوف الأعرابي وجرير بن حازم عن محمد ابن سيرين ومن حديث السدي عن البراء ومن حديث سماك بن حرب وأتى إسحاق دخل حديث بعضهم في بعض أن الذين كانوا يهجون رسول الله A من مشركي قريش عبد الله بن الزبعري وأبو سفيان ابن الحارث بن عبد المطلب وعمرو بن العاص وضرار بن الخطاب فقال قائل لعلي بن أبي طالب اهج عنا القوم الذين يهجوننا فقال إن أذن رسول الله A فعلت فقالوا يا رسول الله ائذن له فقال رسول الله A : " إن عليا ليس عنده ما يراد في ذلك منه أو ليس في ذلك هنالك " .
ثم قال ما يمنع القوم الذين نصروا رسول الله A بسلاحهم أن ينصروه بألسنتهم فقال حسان أنا لها وأخذ بطرف لسانه وقال والله ما يسرني به مقول بين بصري وصنعاء .
وقال رسول الله A كيف تهجوهم وأنا منهم وكيف تهجو أبا سفيان وهو ابن عمي فقال والله لأسلنك منهم كما تسل الشعرة من العجين فقال له إيت أبا بكر فإنه أعلم بأنساب القوم منك فكان يمضي إلى أبي بكر ليقف على أنسابهم فكان يقول له كف عن فلانة وفلانة واذكر فلانة وفلانة فجعل حسان يهجوهم فلما سمعت قريش شعر حسان قالوا إن هذا الشعر ما غاب عنه ابن أبي قحافة .
أو من شعر ابن أبي قحافة فمن شعر حسان في أبي سفيان بن الحارث : .
وإن سنام المجد من آل هاشم ... بنو بنت مخزوم ووالدك العبد .
ومن ولدت أبناء زهرة منهم ... كرام ولم يقرب عجائزك المجد .
ولست كعباس ولا كابن أمه ... ولكن لئيم لا تقام له زند .
وإن امرأ كانت سمية أمه ... وسمراء مغمور إذا بلغ الجهد .
وأنت هجين نيط في آل هاشم ... كما نيط خلف الراكب القدح الفرد .
فما بلغ هذا الشعر أبا سفيان قال هذا كلام لم يغب عنه ابن أبي قحافة .
قال أبو عمر يعني بقوله بنت مخزوم فاطمة بنت عمرو بن عائذ بن عمران ابن مخزوم فيما ذكر أهل النسب وهي أم أبي طالب وعبد الله والزبير بني عبد المطلب وقوله ومن ولدت أبناء زهرة منهم يعني حمزة وصفية أمهما هالة بنت وهيب بن عبد مناف بن زهرة والعباس وابن أمه شقيقه ضرار بن عبد المطلب أمهما نتيلة امرأة من النمر بن قاسط وسمية أم أبي سفيان وسمراء أم أبيه .
ومن قول حسان أيضا في أبي سفيان : .
هجوت محمدا فأجبت عنه ... وعند الله في ذاك الجزاء .
هجوت مطهرا برا حنيفا ... أمين الله شيمته الوفاء .
أتهجوه ولست له بكفء ... فشركما لخيركما الفداء .
فإن أبي ووالدتي وعرضي ... لعرض محمد منكم وقاء .
وهذا الشعر أوله : .
عفت ذات الأصابع فالجواء ... إلى عذراء منزلها خلاء .
قال مصعب الزبيري هذه القصيدة قال حسان صدرها في الجاهلية وآخرها في الإسلام .
قال وهجم حسان على فتية من قومه يشربون الخمر فعيرهم في ذلك فقالوا يا أبا الوليد ما أخذنا هذه إلا منك وإنا لنهم بتركها ثم يثبطنا عن ذلك قولك : .
ونشربها فتتركنا ملوكا ... وأسدا ما ينهنها اللقاء .
فقال هذا شي قلته في الجاهلية والله ما شربتها منذ أسلمت .
قال ابن سيرين وانتدب لهجو المشركين ثلاثة من الأنصار حسان ابن ثابت وكعب بن مالك وعبد الله بن رواحة فكان حسان وكعب ابن مالك يعارضانهم بمثل قولهم في الوقائع والأيام والمآثر ويذكران مثالبهم وكان عبد الله بن رواحة يعيرهم بالكفر وعبادة ما لا يسمع ولا ينفع فكان قوله يومئذ أهون القول عليهم وكان قول حسان وكعب أشد القول عليهم فما أسلموا وفقهوا كان أشد القول عليهم قول عبد الله ابن رواحة .
وروينا من وجوه كثيرة عن أبي هريرة وغيره أن رسول الله A كان يقول لحسان : " اهجهم يعني المشركين وروح القدس معك " . وإنه A قال لحسان : " اللهم أيده بروح القدس لمناضلته عن المسلمين " .
وقال A : " إن قوله فيهم أشد من وقع النبل "