( تابع . . . 2 ) : 1 - سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى .
( رواية أنس عن أبي ذر ) .
قال البخاري عن أنس بن مالك قال : كان أبو ذر يحدث أن رسول الله صلى الله عليه وسلّم قال : " فرج عن سقف بيتي وأنا بمكة فنزل جبريل ففرج صدري ثم غسله بماء زمزم ثم جاء بطست من ذهب ممتلئ حكمة وإيمانا فأفرغه في صدري ثم أطبقه ثم أخذ بيدي فعرج بي إلى السماء الدنيا فلما جئت إلى السماء قال جبريل لخازن السماء : افتح قال : من هذا ؟ قال : جبريل قال : هل معك أحد ؟ قال : نعم معي محمد صلى الله عليه وسلّم فقال : أرسل إليه ؟ قال : نعم فلما فتح علونا لسماء الدنيا فإذا رجل قاعد على يمينه أسودة وعلى يساره أسودة إذا نظر قبل يمينه ضحك وإذا نظر قبل شماله بكى فقال : مرحبا بالنبي الصالح والابن الصالح قال : قلت جبريل : من هذا ؟ قال : هذا آدم وهذه الأسودة عن يمينه وعن شماله نسم بنيه فأهل اليمين منهم أهل الجنة والأسودة التي عن شماله أهل النار فإذا نظر عن يمينه ضحك وإذا نظر عن شماله بكى ثم عرج بي إلى السماء الثانيه فقال لخازنها : افتح فقال له خازنها مثل ما قال له الأول ففتح " قال أنس : فذكر أنه قد وجد في السماوات آدم وإدريس وموسى وعيسى وإبراهيم ولم يثبت .
كيف منازلهم غير أنه ذكر أنه وجد آدم في السماء الدنيا وإبراهيم في السماء السادسة . قال أنس : فلما مر جبريل والنبي صلى الله عليه وسلّم بإدريس قال : مرحبا بالنبي الصالح والأخ الصالح فقلت : من هذا ؟ قال : إدريس ثم مر بموسى فقال : مرحبا بالنبي الصالح والأخ الصالح فقلت : من هذا قال : هذا موسى ثم مررت بعيسى فقال : مرحبا بالنبي الصالح والأخ الصالح قلت : من هذا ؟ قال : هذا عيسى ثم مررت بإبراهيم فقال : مرحبا بالنبي الصالح والابن الصالح قلت : من هذا ؟ قال : هذا إبراهيم قال الزهري : فأخبرني ابن حزم أن ابن عباس وأبا حية الأنصاري كانا يقولان قال النبي صلى الله عليه وسلّم : " ثم عرج بي حتى ظهرت لمستوى أسمع فيه صريف الأقلام " . قال ابن حزم وأنس بن مالك قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم : " ففرض الله على أمتي خمسين صلاة فرجعت بذلك حتى مررت على موسى عليه السلام فقال : ما فرض الله على أمتك ؟ قلت : فرض خمسين صلاة قال موسى : فارجع إلى ربك فإن أمتك لا تطيق ذلك فرجعت فوضع شطرها فرجعت إلى موسى قلت : وضع شطرها فقال ارجع إلى ربك فإن أمتك لا تطيق ذلك فرجعت فوضع شطرها فرجعت إليه فقال : ارجع إلى ربك فإن أمتك لا تطيق ذلك فراجعته فقال : هي خمس وهي خمسون لا يبدل القول لدي فرجعت إلى موسى فقال : ارجع إلى ربك قلت قد استحييت من ربي ثم انطلق بي حتى انتهى إلى سدرة المنتهى فغشيها ألوان لا أدري ما هي ثم أدخلت الجنة فإذا فيها حبائل اللؤلؤ وإذا ترابها المسك " ( هذا لفظ البخاري في كتاب الصلاة ورواه مسلم في كتاب الإيمان بنحوه ) .
عن جابر بن عبد الله أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلّم يقول : " لما كذبتني قريش حين أسري بي إلى بيت المقدس قمت في الحجر فجلى الله لي بيت المقدس فطفقت أخبرهم عن آياته وأنا أنظر إليه " ( رواه أحمد وأخرجه الشيخان ) . عن ابن شهاب قال : سمعت سعيد بن المسيب يقول : إن رسول الله صلى الله عليه وسلّم حين انتهى إلى بيت المقدس لقي فيه إبراهيم وموسى وعيسى وأنه أتي بقدحين قدح من لبن وقدح من خمر فنظر إليهما ثم أخذ قدح اللبن فقال جبريل : أصبت هديت للفطرة لو أخذت الخمر لغوت أمتك ثم رجع رسول الله صلى الله عليه وسلّم إلى مكة فأخبر أنه أسري به فافتتن ناس كثير كانوا قد صلوا معه . وقال ابن شهاب : قال أبو سلمة بن عبد الرحمن : فتجهز - أو كلمة نحوها - ناس من قريش إلى أبي بكر فقالوا : هل لك في صاحبك ؟ يزعم أنه جاء بيت المقدس ثم رجع إلى مكة في ليلة واحدة . فقال أبو بكر : أو قال ذلك ؟ قالوا : نعم قال : فأنا أشهد لئن كان قال ذلك لقد صدق قالوا : فتصدقه في أن يأتي الشام في ليلة واحدة ثم يرجع إلى مكة قبل أن يصبح ؟ قال : نعم أنا أصدقه بأبعد من ذلك أصدقه بخبر السماء قال أبو سلمة : فبها سمي أبو بكر الصديق . قال أبو سلمة : فسمعت جابر بن عبد الله Bهما يحدث أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلّم يقول : " لما كذبتني قريش حين أسري بي إلى بيت المقدس قمت في الحجر فجلى الله لي بيت المقدس فطفقت أخبرهم عن آياته وأنا أنظر إليه " ( أخرجه البيهقي عن سعيد بن المسيب ) .
( رواية شداد بن أوس ) .
روى الإمام الترمذي عن جبير بن نفير عن شداد بن أوس قال قلنا : يا رسول الله كيف أسري بك ؟ قال : " صليت لأصحابي صلاة العتمة بمكة معتما فأتاني جبريل عليه السلام بدابة أبيض - أو قال بيضاء - فوق الحمار ودون البغل فقال : اركب فاستصعب علي فرازها بأذنها ثم حملني عليها فانطلقت تهوي بنا يقع حافرها حيث انتهى طرفها حتى بلغنا أرضا .
ذات نخل فأنزلني فقال : صل فصليت ثم ركبت فقال : أتدري أين صليت ؟ قلت : الله أعلم قال : صليت بيثرب صليت بطيبة فانطلقت تهوي بنا يقع حافرها عند منتهى طرفها ثم بلغنا أرضا قال : انزل ثم قال : صل فصليت ثم ركبنا فقال : أتدري أين صليت ؟ قلت : الله أعلم قال : صليت بمدين عند شجرة موسى ثم انطلقت تهوي بنا يقع حافرها حيث أدرك طرفها ثم بلغنا أرضا بدت لنا قصور فقال : انزل فنزلت فقال : صل فصليت ثم ركبنا فقال : أتدري أين صليت ؟ قلت : الله أعلم قال : صليت ببيت لحم حيث ولد عيسى بن مريم ثم انطلق بي حتى دخلنا المدينة من بابها اليماني فأتى قبلة المسجد فربط فيه دابته ودخلنا المسجد من باب تميل فيه الشمس والقمر فصليت من المسجد حيث شاء الله وأخذني من العطش أشد ما أخذني فأتيت بإناءين في أحدهما لبن وفي الآخر عسل أرسل إلي بهما جميعا فعدلت بينهما ثم هداني الله D فأخذت اللبن فشربت حتى عرقت به جبيني وبين يدي شيخ متكئ على مثوات له فقال : أخذ صاحبك الفطرة إنه ليهدى ثم انطلق بي حتى أتينا الوادي الذي فيه المدينة فإذا جهنم تنكشف عن مثل الروابي قلت : يا رسول الله كيف وجدتها ؟ قال : وجدتها مثل الحمة السنخة ثم انصرف بي فمررنا بعير لقريش بمكان كذا وكذا قد أضلوا بعيرا لهم قد جمعه فلان فسلمت عليهم فقال بعضهم : هذا صوت محمد ثم أتيت أصحابي قبل الصبح بمكة فأتاني أبو بكر Bه فقال : يا رسول الله أين كنت الليلة فقد التمستك في منامك فقد علمت أنك أتيت بيت المقدس الليلة فقال يا رسول الله إنه مسيرة شهر فصفه لي قال : ففتح لي صراط كأني أنظر إليه لا يألني عن شيء إلا أنبأته فقال أبو بكر : أشهد أنك لرسول الله وقال المشركون : انظروا إلى ابن أبي كبشة يزعم أنه أتى بيت المقدس الليلة قال فقال : إن من آية ما أقول لكم إني مررت بعير لكم في مكان كذا وكذا وقد أضلوا بعيرا لهم فجمعه لهم فلان وإن مسيرهم ينزلون بكذا ثم كذا ويأتونكم يوم كذا وكذا يقدمهم جمل آدم عليه مسح أسود وغرارتان سوداوان فلما كان ذلك اليوم أشرف الناس ينظرون حين كان قريبا من نصف النهار حتى أقبلت العير يقدمهم ذلك الجمل الذي وصفه رسول الله صلى الله عليه وسلّم ( رواه الترمذي والبيهقي وقال : إسناده صحيح قال ابن كثير : وهذا الحديث مشتمل على ما هو صحيح كما قال البيهقي وعلى ما هو منكر كالصلاة في بيت المقدس وسؤال الصديق عن نعت بيت المقدس ) .
قال البيهقي عن قتادة عن أبي العالية قال : حدثنا ابن عمر نبيكم صلى الله عليه وسلّم ابن عباس Bهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم : " رأيت ليلة أسري بي موسى بن عمران رجلا طوالا جعدا كأنه من رجال شنوءة ورأيت عيسى ابن مريم عليه السلام مربوع الخلق إلى الحمرة والبياض سبط الرأس " وأري مالكا خازن جهنم والدجال في آيات أراهن الله إياه قال : { فلا تكن في مرية من لقائه } فكان قتادة يفسرها أن نبي الله صلى الله عليه وسلّم قد لقي موسى عليه السلام { وجعلناه هدى لبني إسرائيل } قال : جعل موسى هدى لبني إسرائيل ( رواه البيهقي ومسلم وأخرجاه عن قتادة مختصرا ) عن ابن عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم : " لما كان ليلة أسري بي فأصحبت بمكة عرفت أن الناس مكذبي " . فقعد معتزلا حزينا فمر به عدو الله أبو جهل فجاء حتى جلس إليه فقال له كالمستهزئ : هل كان من شيء ؟ فقال له رسول الله A : " نعم " قال : وما هو ؟ قال : " إني أسري بي الليلة " قال : إلى أين ؟ قال : " إلى بيت المقدس " . قال : ثم أصبحت بين ظهرانينا ؟ قال : " نعم " قال : فلم ير أن يكذبه مخافة أن يجحد الحديث إن دعا قومه إليه قال : أرأيت إن دعوت قومك أتحدثهم بما حدثتني ؟ فقال رسول الله A : " نعم " فقال : يا معشر بني كعب بن لؤي قال فانفضت إليه المجالس وجاءوا حتى جلسوا إليهما قال : حدث قومك بما حدثتني . فقال رسول الله A : " إني أسري بي الليلة " فقالوا : إلى أين ؟ قال : " إلى بيت المقدس " قالوا : ثم أصبحت بين ظهرانينا ؟ قال : " نعم " . قال فمن بين مصفق ومن بين واضع يده على رأسه متعجبا للكذب قالوا : وتستطيع أن تنعت لنا المسجد ؟ وفيهم من قد سافر إلى ذلك البلد ورأى المسجد فقال رسول الله A : " فما زلت أنعت حتى التبس علي بعض النعت قال : فجيء بالمسجد وأنا أنظر إليه حتى وضع دون دار عقيل فنعته وأنا أنظر إليه قال : وكان مع هذا نعت لم أحفظه قال فقال القوم : أما النعت فوالله لقد أصاب فيه " ( أخرجه أحمد والبيهقي والنسائي ) .
وقد روى البخاري ومسلم في الصحيحين عن أبي هريرة قال قال رسول الله A : " حين أسري بي لقيت موسى عليه السلام - فنعته فإذا هو رجل حسبته قال : مضطرب رجل الرأس كأنه من رجال شنوءة قال : ولقيت عيسى - فنعته النبي A قال : ربعة أحمر كأنما خرج من ديماس - يعني حمام قال : ولقيت إبراهيم وأشبه ولده به قال : وأتيت بإناءين في أحدهما لبن وفي الآخر خمر قيل لي : خذ أيهما شئت فأخذت اللبن فشربت فقيل لي : هديت الفطرة - أو أصبت الفطرة - أما إنك لو أخذت الخمر غوت أمتك " . وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة Bه قال قال رسول الله A : " لقد رأيتني في الحجر وقريش تسألني مسراي فسألوني عن أشياء من بيت المقدس لم أثبتها فكربت كربا ما كربت مثله قط فرفعه الله إلي أنظر إليه ما سألوني عن شيء إلا أنبأتهم به وقد رأيتني في جماعة من الأنبياء وإذا موسى قائم يصلي وإذا هو رجل جعد كأنه من رجال شنوءة .
وإذا عيسى ابن مريم قائم يصلي أقرب الناس شبها به عروة بن مسعود الثقفي وإذا إبراهيم قائم يصلي أقرب الناس شبها به صاحبكم - يعني نفسه - فحانت الصلاة فأممتهم فلما فرغت قال قائل : يا محمد هذا مالك خازن جهنم فالتفت إليه فبدأني بالسلام " ( أخرجه مسلم في صحيحه ) .
قال ابن أبي حاتم عن أبي هريرة قال قال رسول الله A : " رأيت ليلة أسري بي لما انتهيت إلى السماء السابعة فنظرت فوق فإذا رعد وبرق وصواعق قال : وأتيت على قوم بطونهم كالبيوت فيها الحيات ترى من خارج بطونهم فقلت : من هؤلاء يا جبريل ؟ قال : هؤلاء آكلوا الربا فلما نزلت إلى السماء الدنيا نظرت أسفل مني فإذا أنا برهج ودخان وأصوات فقلت : من هؤلاء يا جبريل ؟ قال : هذه الشياطين يحومون على أعين بني آدم لا يتفكرون في ملكوت السماوات والأرض ولولا ذلك لرأوا العجائب " ( ورواه الإمام أحمد وابن ماجه ) .
( يتبع . . . )