61 - ولو يؤاخذ الله الناس بظلمهم ما ترك عليها من دابة ولكن يؤخرهم إلى أجل مسمى فإذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون .
- 62 - ويجعلون لله ما يكرهون وتصف ألسنتهم الكذب أن لهم الحسنى لا جرم أن لهم النار وأنهم مفرطون .
يخبر تعالى عن حلمه بخلقه مع ظلمهم وأنه لو يؤاخذهم بما كسبوا ما ترك على ظهر الأرض من دابة أي لأهلك دواب الأرض ومعهم بنو آدم ولكن الرب جل جلاله يحلم ويستر وينظر إلى أجل مسمى أي لا يعاجلهم بالعقوبة إذ لو فعل ذلك بهم لما أبقى أحدا . وفي الحديث : " إن الله لا يؤخر شيئا إذا جاء أجله وإنما زيادة العمر بالذرية الصالحة يرزقها الله العبد فيدعون له من بعده فليحقه دعاؤهم في قبره فذلك زيادة العمر " ( أخرجه ابن أبي حاتم عن أبي الدرداء مرفوعا ) . وقوله : { ويجعلون لله ما يكرهون } أي من البنات ومن الشركاء الذين هم عبيده وهم يأنفون أن يكون عند أحدهم شريك له في ماله وقوله : { وتصف ألسنتهم الكذب أن لهم الحسنى } إنكارا عليهم في دعواهم مع ذلك أن لهم الحسنى في الدنيا كقوله : { ولئن أذقناه رحمة منا من بعد ضراء مسته ليقولن هذا لي وما أظن الساعة قائمة ولئن رجعت إلى ربي إن لي عنده للحسنى } وقوله : { أفرأيت الذي كفر بآياتنا وقال لأوتين مالا وولدا } فجمع هؤلاء بين عمل السوء وتمني الباطل بأن يجازوا على ذلك حسنا وهذا مستحيل يعملون السيئات ويجزون الحسنات ؟ أيجتبى من الشوك العنب ؟ ولهذا قال تعالى ردا عليهم في تمنيهم ذلك : { لا جرم } أي حقا لا بد منه { أن لهم النار } أي يوم القيامة { وأنهم مفرطون } قال مجاهد وسعيد بن جبير وقتادة وغيرهم : منسيون فيها مضيعون وهذا كقوله تعالى : { فاليوم ننساهم كما نسوا لقاء يومهم هذا } وعن قتادة أيضا { مفرطون } : أي معجلون إلى النار من الفرط وهو السابق إلى الورد ولا منافاة لأنهم يعجل بهم يوم القيامة إلى النار وينسون فيها أي يخلدون