20 - الذين يوفون بعهد الله ولا ينقضون الميثاق .
- 21 - والذين يصلون ما أمر الله به أن يوصل ويخشون ربهم ويخافون سوء الحساب .
- 22 - والذين صبروا ابتغاء وجه ربهم وأقاموا الصلاة وأنفقوا مما رزقناهم سرا وعلانية ويدرؤون بالحسنة السيئة أولئك لهم عقبى الدار .
- 23 - جنات عدن يدخلونها ومن صلح من آبائهم وأزواجهم وذرياتهم والملائكة يدخلون عليهم من كل باب .
- 24 - سلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدار .
يقول تعالى مخبرا عمن اتصف بهذه الصفات الحميدة بأن لهم عقبى الدار وهي العاقبة والنصرة في الدنيا والآخرة { الذين يوفون بعهد الله ولا ينقضون الميثاق } وليسوا كالمنافقين الذين إذا عاهد أحدهم غدر وإذا خاصم فجر وإذا ائتمن خان { والذين يصلون ما أمر الله به أن يوصل } من صلة الأرحام والإحسان إليهم وإلى الفقراء والمحاويج وبذل المعروف { ويخشون ربهم } أي فيما يأتون وما يذرون من الأعمال يراقبون الله في ذلك ويخافون سوء الحساب في الدار الآخرة فلهذا أمرهم على السداد والاستقامة في جميع حركاتهم وسكناتهم { والذين صبروا ابتغاء وجه ربهم } أي عن المحارم والمآئم ففطموا أنفسهم عنها لله D ابتغاء مرضاته وجزيل ثوابه { وأقاموا الصلاة } بحدودها ومواقيتها وركوعها وسجودها وخشوعها على الوجه الشرعي المرضي { وأنفقوا مما رزقناهم } أي على الذين يجب عليهم الإنفاق لهم من زوجات وقرابات وأجانب من فقراء ومحاويج ومساكين { سرا وعلانية } أي في السر والجهر لم يمنعهم من ذلك حال من الأحوال آناء الليل وأطراف النهار { ويدرؤون بالحسنة السيئة } أي يدفعون القبيح بالحسن فإذا آذاهم أحد قابلوه بالجميل صبرا واحتمالا وصفحا وعفوا كقوله تعالى : { ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عدواة كأنه ولي حميم } ولهذا قال مخبرا عن هؤلاء السعداء المتصفين بهؤلاء الصفات الحسنة بأن لهم عقبى الدار ثم فسر ذلك بقوله : { جنات عدن } والعدن : الإقامة أي جنات إقامة يخلدون فيها . وقال الضحاك في قوله : { جنات عدن } مدينة الجنة فيها الرسل والأنبياء والشهداء وأئمة الهدى والناس حولهم بعد والجنات حولها وقوله : { ومن صلح من آبائهم وأزواجهم وذرياتهم } أي يجمع بينهم وبين أحبابهم فيها من الآباء والأهلين والأبناء ممن هو صالح لدخول الجنة من المؤمنين لتقر أعينهم بهم حتى إنه ترفع درجة الأدنى إلى درجة الأعلى امتنانا من الله وإحسانا من غير تنقيص للأعلى عن درجته كما قال تعالى : { والذين آمنوا واتبعتهم ذريتهم بإيمان ألحقنا بهم ذريتهم } الآية . وقوله : { والملائكة يدخلون عليهم من كل باب سلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدار } أي وتدخل عليهم الملائكة من ههنا ومن ههنا للتهنئة بدخول الجنة فعند دخولهم إياها تفد عليهم الملائكة مسلمين مهنئين لهم بما حصل لهم من الله من التقريب والإنعام والإقامة في دار السلام في جوار الصديقين والأنبياء والرسل الكرام .
روى الإمام أحمد عن عبد الله بن عمرو بن العاص Bهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلّم أنه قال : " هل تدرون أول من يدخل الجنة من خلق الله ؟ " قالوا : الله ورسوله أعلم قال : " أول من يدخل الجنة من خلق الله الفقراء المهاجرون الذين تسد بهم الثغور وتتقى بهم المكاره ويموت أحدهم وحاجته في صدره لا يستطيع لها قضاء فيقول الله تعالى لمن يشاء من ملائكته : أئتوهم فحيوهم فتقول الملائكة : نحن سكان سمائك وخيرتك من خلقك أفتأمرنا أن .
نأتي هؤلاء ونسلم عليهم ؟ فيقول : إنهم كانوا عبادا يعبدونني لا يشركون بي شيئا وتسد بهم الثغور وتتقى بهم المكاره ويموت أحدهم وحاجته في صدره لا يستطيع لها قضاء .
- قال - فتأتيهم الملائكة عند ذلك فيدخلون عليهم من كل باب { سلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدار } " ورواه أبو القاسم الطبراني عن عبد الله بن عمرو عن النبي صلى الله عليه وسلّم قال : " أول ثلة يدخلون الجنة فقراء المهاجرين الذين تتقى بهم المكاره وإذا أمروا سمعوا وأطاعوا وإن كانت منهم حاجة إلى سلطان لم تقض حتى يموت وهي في صدره وإن الله يدعو يوم القيامة الجنة فتأتي بزخرفها وزينتها فيقول : أين عبادي الذين قاتلوا في سبيلي وأوذوا في سبيلي وجاهدوا في سبيلي ؟ ادخلوا الجنة بغير عذاب ولا حساب وتأتي الملائكة فيسجدون ويقولون : ربنا نحن نسبح بحمدك الليل والنهار ونقدس لك من هؤلاء الذين آثرتهم علينا ؟ فيقول الرب D : هؤلاء عبادي الذين جاهدوا في سبيلي وأوذوا في سبيلي فتدخل عليهم الملائكة من كل باب : { سلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدار } " وقد جاء في الحديث أن رسول الله صلى الله عليه وسلّم كان يزور قبور الشهداء في رأس كل حول فيقول لهم : { سلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدار } وكذلك أبو بكر وعمر وعثمان