10 - سواء منكم من أسر القول ومن جهر به ومن هو مستخف بالليل وسارب بالنهار .
- 11 - له معقبات من بين يديه ومن خلفه يحفظونه من أمر الله إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم وإذا أراد الله بقوم سوء فلا مرد له وما لهم من دونه من وال .
يخبر تعالى عن إحاطة علمه بجميع خلقه وأنه سواء منهم من أسر قوله أو جهر به فإنه يسمعه لا يخفى عليه شيء كقوله : { وإن تجهر بالقول فإنه يعلم السر وأخفى } وقال : { ويعلم ما تخفون وما تعلنون } وقوله : { ومن هو مستخف بالليل } أي مختف في قعر بيته في ظلام الليل { وسارب بالنهار } أي ظاهر ماش في بياض النهار وضيائه فإن كلاهما في علم الله على السواء كقوله تعالى : { ألا حين يستغشون ثيابهم } الآية وقوله تعالى : { وما تكون في شأن وما تتلو منه من قرآن ولا تعملون من عمل إلا كنا عليكم شهودا إذ تفيضون فيه } وقوله : { له معقبات من بين يديه ومن خلفه يحفظونه من أمر الله } أي للعبد ملائكة يتعاقبون عليه حرس بالليل وحرس بالنهار يحفظونه من الأسواء والحادثات كما يتعاقب ملائكة آخرون لحفظ الأعمال من خير أو شر ملائكة بالليل وملائكة بالنهار فاثنان عن اليمين والشمال يكتبان الأعمال صاحب اليمين يكتب الحسنات وصاحب الشمال يكتب السيئات وملكان آخران يحفظانه ويحرسانه واحد من ورائه وآخر من قدامه فهو بين أربعة أملاك بالنهار وأربعة آخرين بالليل بدلا حافظان وكاتبان كما جاء في الصحيح : " يتعاقبون فيكم ملائكة بالليل وملائكة بالنهار " الحديث وفي الحديث الآخر : " إن معكم من لا يفارقكم إلا عند الخلاء وعند الجماع فاستحيوهم وأكرموهم " وقال ابن عباس : { يحفظونه من أمر الله } قال : ملائكة يحفظونه من بين يديه ومن خلفه فإذا جاء قدر الله خلوا عنه وقال مجاهد : ما من عبد إلا له ملك موكل يحفظه في نومه ويقظته من الجن والإنس والهوام فما منها شيء يأتيه يريده إلا قال له الملك : وراءك إلا شيء أذن الله فيه فيصيبه .
وقال الإمام أحمد C عن عبد الله قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم : " ما منكم من أحد إلا وقد وكل به قرينه من الجن وقرينه من الملائكة " قالوا : وإياك يا رسول الله قال : " وإياي ولكن الله أعانني عليه فلا يأمرني إلا بخير " ( رواه مسلم وأحمد عن عبد الله بن مسعود ) . وقوله : { يحفظونه من أمر الله } قيل : المراد حفظهم له من أمر الله قاله ابن عباس وإليه ذهب مجاهد وسعيد بن جبير وقال قتادة : { يحفظونه من أمر الله } يحفظونه بأمر الله وقال كعب الأحبار : لو تجلى لابن آدم كل سهل وكل حزن لرأى كل شيء من ذلك شيئا يقيه ولولا أن الله وكل بكم ملائكة يذبون عنكم في مطعمكم ومشربكم وعوراتكم إذا لتخطفتم قال أبو أمامة : ما من آدمي إلا ومعه ملك يذود عنه حتى يسلمه للذي قدر له . وقال أبو مجلز : جاء رجل إلى علي Bه وهو يصلي فقال : احترس فإن ناسا يريدون قتلك فقال : إن مع كل رجل ملكين يحفظانه مما لم يقدر له فإذا جاء القدر خليا بينه وبينه إن الأجل جنة حصينة . وقال بعضهم : { يحفظونه من أمر الله } بأمر الله كما جاء في الحديث أنهم قالوا : يا رسول الله أرأيت رقيا نسترقي بها هل ترد من قدر الله شيئا ؟ فقال : " هي من قدر الله " وقال ابن أبي حاتم : " أوحى الله إلى نبي من أنبياء بني إسرائيل أن قل لقومك : إنه ليس من أهل قرية ولا أهل بيت يكونون على طاعة الله فيتحولون منها إلى معصية الله إلا حول الله عنهم ما يحبون إلى ما يكرهون " ثم قال : إن تصديق ذلك في كتاب الله : { إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم } ( أخرجه ابن أبي حاتم عن إبراهيم النخغي موقوفا وقد ورد في حديث مرفوع رواه ابن أبي شيبة )