15 - فلما ذهبوا به وأجمعوا أن يجعلوه في غيابة الجب وأوحينا إليه لتنبئنهم بأمرهم هذا وهم لا يشعرون .
يقول تعالى : فلما ذهب به إخوته من عند أبيه بعد مراجعتهم له في ذلك { وأجمعوا أن يجعلوه في غيابة الجب } هذا فيه تعظيم لما فعلوه أنهم اتفقوا كلهم على إلقائه في أسفل ذلك الجب وقد أخذوه من عند أبيه فيما يظهرونه له إكراما له وبسطا وشرحا لصدره وإدخالا للسرور عليه فيقال : إن يعقوب عليه السلام لما بعثه معهم ضمه إليه وقبله ودعا له فذكر السدي وغيره أنه لم يكن بين إكرامهم له وإظهار الأذى له إلا أن غابوا عن عين أبيه وتواروا عنه ثم شرعوا يؤذونه بالقول من شتم ونحوه والفعل من ضرب ونحوه ثم جاءوا به إلى ذلك الجب ( قال قتادة : هي بئر بيت المقدس وقال أبو زيد : بحيرة طبرية وروي أنه أقام في الجب ثلاثة أيام ) الذي اتفقوا على رميه فيه فربطوه بحبل ودلوه فيه فسقط في الماء فغمره فصعد إلى صخرة تكون في وسطه فقام فوقها وقوله : { وأوحينا إليه لتنبئنهم بأمرهم هذا وهم لا يشعرون } يقول تعالى ذاكرا لطفته ورحمته وإنزاله اليسر في حال العسر إنه أوحى إلى يوسف في ذلك الحال الضيق تطييبا لقلبه وتثبيتا له : إنك لا تحزن مما أنت فيه فإن لك من ذلك فرجا ومخرجا حسنا وسنصرك الله عليهم ويعليك ويرفع درجتك وستخبرهم بما فعلوا معك من هذا الصنيع وقوله : { وهم لا يشعرون } قال مجاهد وقتادة : بإيحاء الله إليه وقال ابن عباس : ستنبئهم بصنيعهم هذا في حقك وهم لا يعرفونك ولا يشعرون بك