58 - ومنهم من يلمزك في الصدقات فإن أعطوا منها رضوا وإن لم يعطوا منها إذا هم يسخطون .
- 59 - ولو أنهم رضوا ما آتاهم الله ورسوله وقالوا حسبنا الله سيؤتينا الله من فضله ورسوله إنا إلى الله راغبون .
يقول تعالى : { ومنهم } أي ومن المنافقين { من يلمزك } أي يعيب عليك { في } قسم { الصدقات } إذا فرقتها ويتهمك في ذلك وهم المتهمون المأبونون ومع هذا لا ينكرون للدين وإنما ينكرون لحظ أنفسهم ولهذا { فإن أعطوا منها رضوا وإن لم يعطوا منها إذا هم يسخطون } أي يغضبون لأنفسهم قال قتادة : ومنهم من يطعن عليك في الصدقات وذكر لنا أن رجلا من أهل البادية أتى النبي صلى الله عليه وسلّم وهو يقسم ذهبا وفضة فقال : يا محمد والله لئن كان الله أمرك أن تعدل ما عدلت فقال نبي الله صلى الله عليه وسلّم : " ويلك فمن الذي يعدل عليك بعدي ؟ " وهذا الذي ذكره قتادة يشبه ما رواه الشيخان عن أبي سعيد في قصة ( ذي الخويصرة ) لما اعترض على النبي صلى الله عليه وسلّم حين قسم غنائم حنين فقال له : اعدل فإنك لن تعدل فقال : " لقد خبت وخسرت إن لم أكن أعدل " ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم وقد رآه مقفيا : " إنه يخرج من ضئضيء ( أي من أصله ومعدنه أو من نسله ) هذا قوم يحقر أحدكم صلاته مع صلاتهم وصيامه مع صيامهم يمرقون من الدين مروق السهم من الرمية فأينما لقيتموهم فاقتلوهم فإنهم شر قتلى تحت أديم السماء " وذكر بقية الحديث . ثم قال تعالى منبها لهم على ما هو خير لهم من ذلك { ولو أنهم رضوا ما آتاهم الله ورسوله وقالوا حسبنا الله سيؤتينا الله من فضله ورسوله إنا .
إلى الله راغبون } فتضمنت هذه الآية الكريمة أدبا عظيما وسرا شريفا حيث جعل الرضا بما آتاه الله ورسوله والتوكل على الله وحده في قوله { وقالوا حسبنا الله } وكذلك الرغبة إلى الله وحده في التوفيق لطاعة الرسول صلى الله عليه وسلّم وامتثال أوامره وترك زواجره وتصديق أخباره والاقتفاء بآثاره