41 - انفروا خفافا وثقالا وجاهدوا بأموالكم وأنفسكم في سبيل الله ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون .
أمر الله تعالى بالنفير العام مع رسول الله صلى الله عليه وسلّم عام غزوة تبوك لقتال أعداء الله من الروم الكفرة من أهل الكتاب وحتم على المؤمنين في الخروج معه على كل حال في المنشط والمكره والعسر واليسر فقال : { انفروا خفافا وثقالا } وقال أبو طلحة : كهولا وشبانا ( قال ابن عباس والحسن البصري وعكرمة ومقاتل والضحاك وغير واحد { انفروا خفافا وثقالا } أي شبابا وكهولا ) ما سمع الله عذر أحد ثم خرج إلى الشام فقاتل حتى قتل . وفي رواية : قرأ أبو طلحة سورة براءة فأتى على هذه الآية : { انفروا خفافا وثقالا وجاهدوا بأموالكم وأنفسكم في سبيل الله } فقال : أرى ربنا استنفرنا شيوخا وشبانا جهزوني يا بني فقال بنوه : يرحمك الله قد غزوت مع رسول الله صلى الله عليه وسلّم حتى مات ومع أبي بكر حتى مات ومع عمر حتى مات فنحن نغزو عنك فأبى فركب البحر فمات فلم يجدوا له جزيرة يدفنوه فيها إلا بعد تسعة أيام فلم يتغير فدفنوه فيها . وقال مجاهد : شبانا وشيوخا وأغنياء ومساكين وقال الحكم : مشاغيل وغير مشاغيل وقال العوفي عن ابن عباس { انفروا خفافا وثقالا } يقول : انفروا نشاطا وغير نشاط وقال الحسن البصري : في العسر واليسر . وهذا كله من مقتضيات العموم في الآية وهذا .
اختيار ابن جرير . وقال الإمام الأوزاعي : إذا كان النفير إلى دروب الروم نفر الناس إليها خفافا وركبانا وإذا كان النفير إلى هذه السواحل نفروا إليها خفافا وثقالا وركبانا ومشاة وهذا تفصيل في المسألة وقال السدي قوله { انفروا خفافا وثقالا } يقول : غنيا وفقيرا وقويا وضعيفا فجاءه رجل يومئذ زعموا أنه المقداد وكان عظيما سمينا فشكا إليه وسأله أن يأذن له فأبى فنزلت يومئذ : { انفروا خفافا وثقالا } فلما نزلت هذه الآية اشتد على الناس فنسخها الله فقال : { ليس على الضعفاء ولا على المرضى ولا على الذين لا يجدون ما ينفقون حرج إذا نصحوا لله ورسوله } .
وقال ابن جرير عن أبي راشد الحراني قال : وافيت ( المقداد بن الأسود ) فارس رسول الله صلى الله عليه وسلّم جالسا على تابوت من توابيت الصيارفة بحمص وقد فصل عنها من عظمه يريد الغزو فقلت له : قد أعذر الله إليك فقال : أتت علينا سورة البعوث : { انفروا خفافا وثقالا } وقال ابن جرير عن حبان بن زيد الشرعبي قال : نفرنا مع ( صفوان بن عمرو ) وكان واليا على حمص فرأيت شيخا كبيرا قد سقط حاجباه على عينيه من أهل دمشق على راحلته فيمن أغار فأقلبت إليه فقلت : يا عم لقد أعذر الله إليك قال : فرفع حاجبيه فقال : يا ابن أخي استنفرنا الله خفافا وثقالا إلا أنه من يحبه الله يبتليه ثم يعيده الله فيبقيه وإنما يبتلي الله من عباده من شكر وصبر وذكر ولم يعبد إلا الله D . ثم رغب تعالى في النفقة في سبيله وبذل المهج في مرضاته ومرضاة رسوله فقال : { وجاهدوا بأموالكم وأنفسكم في سبيل الله ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون } أي هذا خير لكم في الدنيا والآخرة لأنكم تغرمون في النفقة قليلا فيغنمكم الله أموال عدوكم في الدنيا مع ما يدخر لكم من الكرامة في الآخرة كما قال النبي صلى الله عليه وسلّم : " تكفل الله للمجاهد في سبيله إن توفاه أن يدخله الجنة أو يرده إلى منزله بما نال من أجر أو غنيمة " ولهذا قال تعالى : { كتب عليكم القتال وهو كره لكم وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم } الآية ومن هذا القبيل ما رواه الإمام أحمد عن أنس عن رسول الله صلى الله عليه وسلّم قال لرجل : " أسلم " قال أجدني كارها قال : أسلم وإن كنت كارها "