168 - وقطعناهم في الأرض أمما منهم الصالحون ومنهم دون ذلك وبلوناهم بالحسنات والسيئات لعلهم يرجعون .
- 169 - فخلف من بعدهم خلف ورثوا الكتاب يأخذون عرض هذا الأدنى ويقولون سيغفر لنا وإن يأتهم عرض مثله يأخذوه ألم يؤخذ عليهم ميثاق الكتاب أن لا يقولوا على الله إلا الحق ودرسوا ما فيه والدار الآخرة خير للذين يتقون أفلا تعقلون .
- 170 - والذين يمسكون بالكتاب وأقاموا الصلاة إنا لا نضيع أجر المصلحين .
يذكر تعالى أنه فرقهم في الأرض أمما أي طوائف وفرقا { منهم الصالحون ومنهم دون ذلك } أي فيهم الصالح وغير ذلك كقول الجن : { وأنا منا الصالحون ومنا دون ذلك } { بلوناهم } أي اختبرناهم { بالحسنات والسيئات } أي بالرخاء والشدة والرغبة والرهبة والعافية والبلاء { لعلهم يرجعون } قال تعالى : { فخلف من بعدهم خلف ورثوا الكتاب يأخذون عرض هذا الأدنى } الآية يقول تعالى : فخلف من بعد ذلك الجيل الذين فيهم الصالح والطالح خلف آخر لا خير فيهم وقد ورثوا دراسة الكتاب وهو التوراة وقال مجاهد : هم النصارى وقد يكون أعم من ذلك { يأخذون عرض هذا الأدنى } أي يعتاضون عن بذل الحق ونشره بعرض الحياة الدنيا ويسوفون أنفسهم ويعدونها بالتوبة وكلما لاح لهم مثل الأول وقعوا فيه ولهذا قال : { وإن يأتهم عرض مثله يأخذوه } . قال مجاهد : لا يشرف لهم شيء من الدنيا إلا أخذوه حلالا كان أو حراما ويتمنون المغفرة { ويقولون سيغفر لنا وإن يأتهم عرض مثله يأخذوه } . وقال السدي : كانت بنو إسرائيل لا يستقضون قاضيا إلا ارتشى في الحكم وإن خيارهم اجتمعوا فأخذ بعضهم على بعض العهود أن لا يفعلوا ولا يرتشوا فجعل الرجل منهم إذا استقضى ارتشى فيقال له : ما شأنك ترتشي في الحكم ؟ فيقول : سيغفر لي فتطعن عليه البقية الآخرون من بني إسرائيل فيما صنع فإذا مات أو نزع وجعل مكانه رجل ممن كان يطعن عليه فيرتشي يقول : وإن يأت الآخرين عرض الدنيا يأخذوه قال الله تعالى : { ألم يؤخذ عليهم ميثاق الكتاب أن لا يقولوا على الله إلا الحق } الآية يقول تعالى منكرا عليهم في صنيعهم هذا مع ما أخذ عليهم من الميثاق ليبينن الحق للناس ولا يكتمونه كقوله : { وإذا أخذ الله ميثاق الذين أوتوا الكتاب لتبيننه للناس ولا تكتمونه } الآية .
وقال ابن جريج قال ابن عباس : { ألم يؤخذ عليهم ميثاق الكتاب أن لا يقولوا على الله إلا الحق } قال : فيما يتمنون على الله من غفران ذنوبهم التي لا يزالون يعودون فيها ولا يتوبون منها . وقوله تعالى : { والدار الآخرة خير للذين يتقون أفلا تعقلون } يرعبهم في جزيل ثوابه ويحذرهم من وبيل عقابه أي وثوابي وما عندي خير لمن اتقى المحارم وترك هوى نفسه وأقبل على طاعة ربه { أفلا تعقلون } ؟ يقول أفليس لهؤلاء الذين اعتاضوا بعرض الدنيا عما عندي عقل يردعهم عما هم فيه من السفه والتبذير ثم أثنى تعالى على من تمسك بكتابه الذي يقوده إلى اتباع رسوله محمد صلى الله عليه وسلّم كما هو مكتوب فيه فقال تعالى : { والذين يمسكون بالكتاب } أي اعتصموا به واقتدوا بأوامره وتركوا زواجره { وأقاموا الصلاة إنا لا نضيع أجر المصلحين }