( تتمة الآية 156 ) قال عذابي أصيب به من أشاء ورحمتي وسعت كل شيء فسأكتبها للذين يتقون ويؤتون الزكاة والذين هم بآياتنا يؤمنون .
يقول تعالى مجيبا لموسى في قوله : { إن هي إلا فتنتك } الآية { قال عذابي أصيب به من أشاء ورحمتي وسعت كل شيء } أي أفعل ما أشاء وأحكم ما أريد ولي الحكمة والعدل في كل ذلك سبحانه لا إله إلا هو وقوله تعالى : { ورحمتي وسعت كل شيء } آية عظيمة الشمول والعموم كقوله تعالى إخبارا عن حملة العرش ومن حوله إنهم يقولون : { ربنا وسعت كل شيء رحمة وعلما } . عن جندب بن عبد الله البجلي قال : جاء أعرابي فأناخ راحلته ثم عقلها ثم صلى خلف رسول الله صلى الله عليه وسلّم فلما صلى رسول الله صلى الله عليه وسلّم أتى راحلته فأطلق عقالها ثم ركبها ثم نادى : اللهم ارحمني ومحمدا ولا تشرك في رحمتنا أحدا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلّم : " أتقولون هذا أضل أم بعيره ألم تسمعوا ما قال ؟ " قالوا : بلى قال : " لقد حظرت رحمة واسعة إن الله D خلق مائة رحمة فأنزل رحمة يتعاطف بها الخلق جنها وإنسها وبهائمها وأخر عنده تسعا وتسعين رحمة أتقولون هو أضل أم بعيره " ؟ رواه أحمد وأبو داود وقال الإمام أحمد أيضا عن سلمان عن النبي صلى الله عليه وسلّم قال : " إن لله D مائة رحمة فمنها رحمة يتراحم بها الخلق وبها تعطف الوحوش على أولادها وأخر تسعة وتسعين إلى يوم القيامة " . عن أبي سعيد قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم : " لله مائة رحمة فقسم منها جزءا واحدا بين الخلق به يتراحم الناس والوحش والطير " ( رواه ابن ماجه والإمام أحمد ) . وقوله : { فسأكتبها للذين يتقون } الآية يعني فسأوجب حصول رحمتي منة مني وإحسانا إليهم كما قال تعالى : { كتب ربكم على نفسه الرحمة } وقوله : { للذين يتقون } أي سأجعلها للمتصفين بهذه الصفات وهم أمة محمد صلى الله عليه وسلّم ( الذين يتقون ) أي الشرك والعظائم من الذنوب قوله : { ويؤتون الزكاة } قيل : زكاة النفوس وقيل : الأموال ويحتمل أن تكون عامة لهما فإن الآية مكية { والذين هم بآياتنا يؤمنون } أي يصدقون