4 - وكم من قرية أهلكناها فجاءها بأسنا بياتا أو هم قائلون .
- 5 - فما كان دعواهم إذ جاءهم بأسنا إلا أن قالوا إنا كنا ظالمين .
- 6 - فلنسألن الذين أرسل إليهم ولنسألن المرسلين .
- 7 - فلنقصن عليهم بعلم وما كنا غائبين .
يقول الله تعالى : { وكم من قرية أهلكناها } أي بمخالفة رسلنا وتكذيبهم فأعقبهم ذلك خزي الدينا موصولا بذل الآخرة كما قال تعالى : { ولقد استهزئ برسل من قبلك فحاق بالذين سخروا منهم ما كانوا به يستهزئون } وكقوله : { فكأين من قرية أهلكناها وهي ظالمة فهي خاوية على عروشها وبئر معطلة وقصر مشيد } وقال تعالى : { وكم أهلكنا من قرية بطرت معيشتها فتلك مساكنهم لم تسكن من بعدهم إلا قليلا وكنا نحن الوارثين } وقوله : { فجاءها بأسنا بياتا أو هم قائلون } أي فكان منهم من جاءه أمر الله وبأسه ونقمته { بياتا } أي ليلا { أو هم قائلون } من القيلولة وهي الاستراحة وسط النهار وكلا الوقتين وقت غفلة ولهو كما قال : { أفأمن أهل القرى أن يأتيهم بأسنا بياتا وهم نائمون ... أو أمن أهل القرى أن يأتيهم بأسنا ضحى وهم يلعبون } وقال : { أفأمن الذين مكروا السيئات أن يخسف الله بهم الأرض أو يأتيهم العذاب من حيث لا يشعرون أو يأخذهم في تقلبهم .
فما هم بمعجزين } .
وقوله : { فما كان دعواهم إذ جاءهم بأسنا إلا أن قالوا إنا كنا ظالمين } أي فما كان قولهم عند مجيء العذاب إلا أن اعترفوا بذنوبهم وأنهم حقيقون بهذا كقوله تعالى : { وكم قصمنا من قرية كانت ظالمة - إلى قوله - خامدين } قال ابن جرير : في هذه الآية الدلالة الواضحة على صحة ما جاءت به الرواية عن رسول الله صلى الله عليه وسلّم قال : " ما هلك قوم حتى يعذروا من أنفسهم " وقوله : { فلنسألن الذين أرسل إليهم } الآية كقوله : { ويوم يناديهم فيقول ماذا أجبتم المرسلين } وقوله : { يوم يجمع الله الرسل فيقول ماذا أجبتم ؟ قالوا : لا علم لنا إنك أنت علام الغيوب } فيسأل الله الأمم يوم القيامة عما أجابوا رسله فيما أرسلهم به ويسأل الرسل أيضا عن إبلاغ رسالاته ولهذا قال ابن عباس في تفسير هذه الآية { فلنسألن الذين أرسل إليهم ولنسئلن المرسلين } قال : عما بلغوا .
وعن ابن عمر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم : " كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته فالإمام يسأل عن رعيته والرجل يسأل عن أهله والمرأة تسأل عن بيت زوجها والعبد يسأل عن مال سيده " ثم قرأ : { فلنسئلن الذين أرسل إليهم ولنسئلن المرسلين } ( رواه ابن مردويه وهو مخرج في الصحيحين بدون زيادة قوله ثم قرأ الآية ) وقال ابن عباس في قوله : { فلنقصن عليهم بعلم وما كنا غائبين } يوضع الكتاب يوم القيامة فيتكلم بما كانوا يعملون { وما كنا غائبين } يعني أنه تعالى يخبر عباده يوم القيامة بما قالوا وبما عملوا من قليل وكثير وجليل وحقير لأنه تعالى الشهيد على كل شيء لا يغيب عنه شيء ولا يغفل عن شيء بل هو العالم بخائنة الأعين وما تخفي الصدور { وما تسقط من ورقة إلا يعلمها ولا حبة في ظلمات الأرض ولا رطب ولا يابس إلا في كتاب مبين }