22 - ويوم نحشرهم جميعا ثم نقول للذين أشركوا أين شركاؤكم الذين كنتم تزعمون .
- 23 - ثم لم تكن فتنتهم إلا أن قالوا والله ربنا ما كنا مشركين .
- 24 - انظر كيف كذبوا على أنفسهم وضل عنهم ما كانوا يفترون .
- 25 - ومنهم من يستمع إليك وجعلنا على قلوبهم أكنة أن يفقهوه وفي آذانهم وقرا وإن يروا كل آية لا يؤمنوا بها حتى إذا جاؤوك يجادلونك يقول الذين كفروا إن هذا إلا أساطير الأولين .
- 26 - وهم ينهون عنه وينأون عنه وإن يهلكون إلا أنفسهم وما يشعرون .
يقول تعالى مخبرا عن المشركين { يوم نحشرهم جميعا } يوم القيامة فيسالهم عن الأصنام والأنداد التي كانوا يعبدونها من دونه قائلا لهم : { أين شركاؤكم الذين كنتم تزعمون } كقوله تعالى في سورة القصص : { ويوم يناديهم فيقول أين شركائي الذين كنتم تزعمون } وقوله تعالى : { ثم لم تكن فتنتهم } أي حجتهم إلا أن قالوا { والله ربنا ما كنا مشركين } قال ابن عباس : أي حجتهم وقال عطاء عنه : أي معذرتهم وكذا قال قتادة وقال عطاء الخراساني : { ثم لم تكن فتنتهم } بليتهم حين ابتلوا { إلا أن قالوا والله ربنا ما كنا مشركين } وقال ابن جرير : والصواب : ثم لم يكن قيلهم ( هذا القول الذي اختاره ابن جرير هو رواية ابن جرير عن ابن عباس ) عند فتنتنا إياهم اعتذارا عما سلف منهم من الشرك بالله { إلا أن قالوا والله ربنا ما كنا مشركين } وقال ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال : أتاه رجل فقال : يا ابن عباس سمعت الله يقول : { والله ربنا ما كنا مشركين } قال : أما قوله : { والله ربنا ما كنا مشركين } فإنهم رأوا أنه لا يدخل الجنة إلا أهل الصلاة فقالوا : تعالوا فلنجحد فيجحدون فيختم الله على أفواههم وتشهد أيديهم وأرجلهم ولا يكتمون الله حديثا فهل في قلبك الآين شيء ؟ إنه ليس من القرآن شيء إلا ونزل فيه شيء ولكن لا تعلمون وجهه ولهذا قال في حق هؤلاء : { انظر كيف كذبوا على أنفسهم وضل عنهم ما كانوا يفترون } كقوله : { ثم قيل لهم أين ما كنتم تشركون من دون الله قالوا ضلوا عنا } الآية وقوله : { ومنهم من يستمع إليك وجعلنا على قلورهم أنكنة أين يفقهوه وفي آذانهم وقرا وأين يروا كل آية لا يؤمنوا بها } : أي يجيئون ليستمعوا قراءتك ولا تجزي عنهم شيئا لأن الله { جعل على قلوبهم أكنة } أي أغطية لئلا يفقهوا القرآن { وفي آذانهم وقرا } أي صمما عن السماع النافع لهم كما قال تعالى : { ومثل الذين كفروا كمثل الذي ينعق بما لا يسمع إلا دعاء ونداء } الآية .
ونقوله تعالى : { وإن يروا كل آية لا يؤمنوا بها } أي مهما رأوا من الآيات والدلالات والحجج البينات والبراهين لا يؤمنوا بها فلا فهم عندهم ولا إنصاف كقوله تعالى : { ولو علم الله فيهم خيرا لأسمعهم } الآية وقوله تعالى : { حتى إذا جاءوك يجادلونك } أي يحاجونك ويناظرونك في الحق بالباطل { يقول الذين كفروا إن هذا إلا أساطير الأولين } أي ما هذا الذي جئت به إلا مأخوذ من كتب الأوائل ومنقول عنهم ( قال السهيلي : حيثما جاء في القرآن ذكر أساطير الأولين فإن قائلها هو النضر بن الحارث بن كلدة وكان قد دخل بلاد فارس وتعلم أخبار سبندياذ رستم الشيذ ونحوها فكان يقول : أنا أحدثكم بأحسن مما يحدثكم به محمد ويقول في القرآن : اساطير الأولين : ليزهد الناس فيها وفيه نزل : { ومن قال سأنزل مثل ما أنزل الله } وقتله النبي صبرا يوم أحد . ) وقوله : { وهم ينهون عنه وينأون عنه } في معنى ينهون عنه قولان ( أحدهما ) : أن المراد أنهم ينهون الناس عن اتباع الحق وتصديق الرسول والانقياد للقرآن { وينأون عنه } أي ويبعدون هم عنه فيجمعون بين الفعلين القبيحين لا ينتفعون ولا يدعون أحدا ينتفع . قال ابن عباس : { وهم ينهون عنه } يردون الناس عن محمد صلى الله عليه وسلّم أن يؤمنوا به . وقال محمد بن الحنفيه : كان كفار قريش لا يأتون النبي صلى الله عليه وسلّم وينهون عنه وهذا القول أظهر وهو اختيار ابن جرير . ( والقول الثاني ) : رواه سفيان الثوري عن ابن عباس قال : نزلت في أبي طالب كان ينهى الناس عن النبي صلى الله عليه وسلّم أن يؤذى وقال سعيد بن أبي هلال : نزلت في عمومة النبي وكانوا عشرة فكانوا أشد الناس معه في العلانية وأشد الناس عليه في السر ( رواه ابن أبي حاتم عن سعيد بن أبي هلال ) وقال محمد بن كعب القرظي : { وهم ينهون عنه } أي ينهون الناس عن قتله . وقوله : { وينأون عنه } أي يتباعدون منه { وإن يهلكون إلا أنفسهم وما يشعرون } أي وما يهلكون بهذا الصنيع ولا يعود وباله إلا عليهم وهم لا يشعرون