12 - قل لمن ما في السماوات والأرض قل لله كتب على نفسه الرحمة ليجمعنكم إلى يوم القيامة لا ريب فيه الذين خسروا أنفسهم فهم لا يؤمنون .
- 13 - وله ما سكن في الليل والنهار وهو السميع العليم .
- 14 - قل أغير الله أتخذ وليا فاطر السماوات والأرض وهو يطعم ولا يطعم قل إني أمرت أن أكون أول من أسلم ولا تكونن من المشركين .
- 15 - قل إني أخاف إن عصيت ربي عذاب يوم عظيم .
- 16 - من يصرف عنه يومئذ فقد رحمه وذلك الفوز المبين .
يخبر تعالى أنه مالك السموات والأرض وما فيهما وأنه قد كتب على نفسه المقدسة الرحمة كما ثبت في الصحيحين عن أبي هريرة Bه قال قال النبي صلى الله عليه وسلّم : " إن الله لما خلق الخلق كتب كتابا عنده فوق العرش : إن رحمتي تغلب غضبي " وقوله : { ليجمعنكم إلى يوم القيامة لا ريب فيه } هذه اللام هي المطئة للقسم فأقسم بنفسه الكريمة ليجمعن عباده { إلى ميقات يوم معلوم } وهو يوم القيامة الذي لا ريب فيه أي لا شك عند عباده المؤمنين فأما الجاحدون المكذبون فهم في ريبهم يترددون . عن ابن عباس قال : سئل رسول الله صلى الله عليه وسلّم عن الوقوف بين يدي رب العالمين هل فيه ماء ؟ قال : " والذي نفسي بيده إن فيه لماء إن أولياء الله ليردون حياض الأنبياء ويبعث الله تعالى سبعين ألف ملك في ايديهم عصي من نار يذودون الكفار عن حياض الأنبياء " هذا حديث غريب وفي الترمذي : " إن لكل نبي حوضا وأرجوا أن أكون أكثرهم واردة " وقوله : { الذين خسروا أنفسهم } أي يوم القيامة { فهم لا يؤمنون } أي لا يصدقون بالمعاد ولا يخافون شر ذلك اليوم ثم قال تعالى : { وله ما سكن في الليل والنهار } أي كل دابة في السموات والأرض الجميع عباده وخلقه وتحت قهره وتصرفه وتدبيره لا إله إلا هو { وهو السميع العليم } أي السميع لأقوال عباده لاعليم بحركاتهم وضمائرهم وسرائرهم ثم قال تعالى لعبده ورسوله محمد صلى الله عليه وسلّم الذي بعثه بالتوحيد العظيم وبالشرع القويم وأمره أن يدعو الناس إلى صراط الله المستقيم : { قل أغير الله أتخذ وليا فاطر السموات والأرض } كقوله : { قل أفغير الله تأمروني أعبد أيها الجاهلون } والمعنى : لا أتخذ وليا إلا الله وحده لا شريك له فإنه فاطر السموات والأرض أي خالقهما ومبدعهما على غير مثال سبق { وهو يطعم ولا يطعم } أي وهو الرزاق لخلقه من غير احتياج إليهم كما قال تعالى : { وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون } الآية وقرأ بعضهم { هو يطعم ولا يطعم } : أي لا يأكل .
وفي الحديث عن أبي هريرة Bه قال : دعا رجل من الأصار من أهل قباء النبي صلى الله عليه وسلّم على طعام فانطلقنا معه فلما طعم النبي صلى الله عليه وسلّم وغسل يديه قال : " الحمد لله الذي يطعم ولا يطعم ومن علينا فهدانا وأطعمنا وسقانا من الشراب وكسانا من العري وكل بلاء حسن أبلانا الحد لله غير مودع ربي ولا مكفي ولا مكفور ولا مستغني عنه الحمد لله الذي أطعمنا من الطعام وسقانا من الشراب وكسانا من العري وهدانا من الضلال وبصرنا من العمى وفضلنا على كثير ممن خلق تفضيلا الحمد لله رب العالمين " . { قل إني أمرت أن أكون أول من أسلم } أي من هذه الأمة { ولا تكونن من المشركين قل إني أخاف إن عصيت ربي عذاب يوم عظيم } يعني يوم القيامة { من يصرف عنه } أي العذاب { يومئذ فقد رحمه } يعني فقد C { وذلك هو الفوز المبين } كقوله : { فمن زحزح عن النار وأدخل الجنة فقد فاز } والفوز حصول الربح ونفي الخسارة