1 - الحمد لله الذي خلق السماوات والأرض وجعل الظلمات والنور ثم الذين كفروا بربهم يعدلون .
- 2 - هو الذي خلقكم من طين ثم قضى أجلا وأجل مسمى عنده ثم أنتم تمترون .
- 3 - وهو الله في السماوات وفي الأرض يعلم سركم وجهركم ويعلم ما تكسبون .
يقول الله تعالى مادحا نفسه الكريمة حامدا لها على خلقه السموات والأرض قرارا لعباده وجعل الظلمات والنور منفعة لعباده في ليلهم ونهارهم فجمع لفظ الظلمات ووحد لفظ النور لكونه أشرف كقوله تعالى : { عن اليمين والشمائل } وكما قال في آخر السورة : { وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله } ثم قال تعالى : { ثم الذين كفروا بربهم يعدلون } أي ومع هذا كله كفر به بعض عباده وجعلوا له شريكا وعدلا واتخذوا له صاحبة وولدا تعالى الله D عن ذلك علوا كبيرا وقوله تعالى : { هو الذي خلقكم من طين } يعني أباهم آدم الذي هو أصلهم ومنه خرجوا فانتشروا في المشارق والمغارب وقوله : { ثم قضى أجلا وأجل مسمى عنده } قال ابن عباس : { ثم قضى أجلا } يعني الموت { وأجل مسمى عنده } يعني الآخرة ( وهو مروي عن مجاهد وعكرمة والحسن وقتادة والضحاك والسدي ومقاتل بن حيان وغيرهم ) وقال الحسن في رواية عنه : { ثم قضى أجلا } وهو ما بين أن يخلق إلى أن يموت { وأجل مسمى عنده } وهو ما بين أن يموت إلى أن يبعث وهو يرجع إلى ما تقدم وهو تقدير الأجل الخاص وهو عمر كل إنسان وتقدير الأجل العام وهو عمر الدنيا بكمالها ثم انتهائها وانقضائها وزوالها وانتقالها والمصير إلى الدار الآخرة وعن ابن عباس ومجاهد : { ثم قضى أجلا } يعني مدة الدنيا { وأجل مسمى عنده } يعني عمر الإنسان إلى حين موته وكأنه مأخوذ من قوله تعالى بعد هذا { وهو الذي يتوفاكم بالليل ويعلم ما جرحتم بالنهار } الآية . ومعنى قوله : { عنده } أي لا يعلمه إلا هو كقوله : { إنما علمها عند ربي لا يجليها لوقتها إلا هو } وكقوله : { يسألونك عن الساعة ايان مرساها فيم أنت من ذكراها إلى ربك منتهاها } وقوله تعالى : { ثم أنتم تمترون } قال السدي وغيره : يعني تشكون في أمر الساعة .
وقوله تعالى : { وهو الله في السموات في الأرض يعلم سركم وجهركم ويعلم ما تكسبون } اختلف مفسرو هذه الآية على اقوال بعد اتفاقهم على إنكار قول الجهمية القائلين - تعالى الله عن قولهم علوا كبيرا - بأنه في كل مكان حيث حملوا الآية على ذلك فالأصح من الأقوال : أنه المدعو الله في السموات وفي الأرض : أي يعبده ويوحده ويقر له بالإلهية من في السموات والأرض ويسمونه الله ويدعونه رغبا ورهبا إلا من كفر من الجن والإنس وهذه الآية على هذا القول كقوله تعالى : { وهو الذي في السماء إله وفي الأرض إله } أي هو إله من في السماء وإله من في الأرض وعلى هذا فيكون قوله : { يعلم سركم وجهركم } خبرا أو حالا ( والقول الثاني ) : أن المراد أنه الله الذي يعلم ما في السموات وما في الأرض من سر وجهر فيكون قوله " يعلم " متعلقا بقوله : { في السموات وفي الأرض } تقديره : وهو الله يعلم سركم وجهركم في السموات وفي الأرض ويعلم ما تكسبون ( والقول الثالث ) : أن قوله { وهو الله في السموات } وقف تام ثم استأنف الخبر فقال : { وفي الارض يعلم سركم وجهركم } وهذا اختيار ابن جرير وقوله : { ويعلم ما تكسبون } أي جميع أعمالكم خيرها وشرها