( تابع . . . 1 ) : 32 - من أجل ذلك كتبنا على بني إسرائيل أنه من قتل نفسا بغير نفس أو .
وقوه تعالى : { ذلك لهم خزي في الدنيا ولهم في الآخرة عذاب عظيم } أي هذا الذي ذكرته من قتلهم ومن صلبهم وقطع أديهم وارجلهم من خلاف ونفيهم خزي لهم بين الناس في هذه الحياة الدنيا مع ما ادخر الله لهم من العذاب العظيم يوم القيامة وهذا يؤيد قول من قال : إنها نزلت في المشركين فأما أهل الإسلام ففي صحيح مسلم عن عبادة بن الصامت Bه قال : أخذ علينا رسول الله صلى الله عليه وسلّم كما أخذ على النساء ألا نشرك بالله شيئا ولا نسرق ولا نزني ولا نقتل أولادنا ولا يعضه بعضنا بعضا ( يعضه : يرمي غيره بالإفك والكذب والبهتان ) فمن وفى منكم فأجره على الله تعالى ومن أصاب من ذلك شيئا فعوقب فهو كفارة له ومن ستره الله فأمره إلى الله إن شاء عذبه وإن شاء عفا عنه . وعن علي قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم : " من أذنب ذنبا في الدنيا فعوقب به فالله أعدل من أن يثني عقوبته على عبده ومن أذنب ذنبا في الدنيا فستره الله عليه وعفا عنه فالله أكرم من أن يعود عليه في شيء قد عفا عنه " ( رواه أحمد والترمذي وابن ماجة " وقال ابن جرير { ذلك لهم خزي في الدنيا } : يعني شر وعار ونكال وذلة وعقوبة في عاجل الدنيا فبل الآخرة { ولهم في الآخرة عذاب عظيم } أي إذا لم يتوبوا من فعلهم ذلك حتى هلكوا فلهم في الآخرة مع الجزاء الذي جازيتهم به في الدنيا والعقوبة التي عاقبتهم بها في الدنيا عذاب عظيم يعني عذاب جهنم . وقوله تعالى : { إلا الذين تابوا من قبل أن تقدروا عليهم فاعلموا أن الله غفور رحيم } أما على قول من قال : إنها في أهل الشرك فظاهر . وأما المحاربون المسلمون فإذا تابوا قبل القدرة عليهم فإنه يسقط عنهم انحتام القتل والصلب وقطع الرجل وهل يسقط قطع اليد أم لا ؟ فيه قولان للعلماء وظاهر الآية يقتضي سقوط الجميع وعليه عمل الصحابة .
وروى ابن جرير عن عامر الشعبي قال : جاء رجل من مراد إلى ابي موسى وهو على الكوفة في إمارة عثمان Bه بعدما صلى المكتوبة فقال : يا أبا موسى هذا مقام العائذ بك أنا فلان بن فلان المرادي وإني كنت حاربت الله ورسوله وسعيت في الأرض فسادا وإني تبت من قبل أن تقدروا علي فقال أبو موسى : إن هذا فلان بن فلان وإنه كان حارب الله ورسوله وسعى في الأرض فسادا وإنه تاب من قبل أن نقدر عليه فمن لقيه فلا يعرض له إلا بخير . فإن يك صادقا فسبيل من صدق وإن يك كاذبا تدركه ذنوبه فأقام الرجل ما شاء الله ثم إنه خرج فأدركه الله تعالى بذنوبه فقتله . ثم روى ابن جرير أن عليا الأسدي حارب وأخاف السبيل وأصاب الدم والمال فطلبه الأئمة والعامة فامتنع ولم يقدروا عليه حتى جاء تائبا وذلك أنه سمع رجلا يقرأ هذه الآية : { قل يا عبادي الذين اسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا أنه هو الغفور الرحيم } فوقف عليه فقال : يا عبد الله أعد قراءتها فأعادها عليه فغمد سيفه ثم جاء تائبا حتى قدم المدينة من السحر فاغتسل ثم أتى مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلّم فصلى الصبح ثم قعد إلى ابي هريرة في أغمار أصحابه فلما أسفروا عرفه الناس فقاموا إليه فقال : لا سبيل لكم علي جئت تائبا من قبل أن تقدروا علي فقال أبو هريرة : صدق وأخذ بيده حتى أتى مروان بن الحكم وهو أمير على المدينة في زمن معاوية فقال : هذا جاء تائبا ولا سبيل لكم عليه ولا قتل فترك من ذلك كله قال : وخرج علي تائبا مجاهدا في سبيل الله في البحر فلقوا الروم فقربوا سفينته إلى سفينة من سفنهم فاقتحم على الروم في سفينتهم فهربوا منه إلى شقها الآخر فمالت به وبهم فغرقوا جميعا