( تابع . . . 1 ) : 155 - فبما نقضهم ميثاقهم وكفرهم بآيات الله وقتلهم الأنبياء بغير حق .
قال البخاري C في ( كتاب ذكر الأنبياء ) عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم : " والذي نفسي بيده ليوشكن أن ينزل فيكم ابن مريم حكما عدلا فيكسر الصليب ويقتل الخنزير ويضع الجزية ويفيض المال حتى لا يقبله أحد وحتى تكون السجدة خيرا له من الدنيا وما فيها " ثم يقول أبو هريرة : اقرأوا إن شئتم : { وإن من أهل الكتاب إلا ليؤمنن به قبل موته ويوم القيامة يكون عليهم شهيدا } ( أخرجه الشيخان واللفظ للبخاري ) وقال أحمد عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم : " ينزل عيسى بن مريم فيقتل الخنزير ويمحو الصليب وتجمع له الصلاة ويعطي المال حتى لا يقبل ويضع الخراج وينزل الروحاء فيحج منها أو يعتمر أو يجمعهما " قال وتلا أبو هريرة : { وإن من أهل الكتاب إلا ليؤمنن به قبل موته } الآية فزعم حنظلة أن أبا هريرة قال : يؤمن به قبل موت عيسى فلا أدري هذا كله حديث النبي صلى الله عليه وسلّم أو شيء قاله أبو هريرة .
( طريق أخرى ) : قال البخاري عن نافع مولى أبي قتادة الأنصاري أن أبا هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم : " كيف بكم إذا نزل فيكم المسيح بن مريم وإمامكم منكم " ( أخرجه البخاري ومسلم والإمام أحمد ) .
( طريق أخرى ) : قال الإمام أحمد عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلّم قال : " الأنبياء أخوة لعلات أمهاتهم شتى ودينهم واحد وإني أولى الناس بعيسى بن مريم لأنه لم يكن نبي بيني وبينه وإنه نازل فإذا رأيتموه فاعرفوه رجل مربوع إلى الحمرة والبياض عليه ثوبان ممصران ( مصبوغان بالمصر وهو تراب أحمر ) كأن رأسه يقطر وإن لم يصبه بلل فيدق الصليب ويقتل الخنزير ويضع الجزية ويدعوا الناس إلى الإسلام ويهلك الله في زمانه الملل كلها إلا الإسلام ويهلك الله في زمانه المسيح الدجال ثم تقع الأمنة على الأرض حتى ترتع الأسود مع الإبل والنمار مع البقر والذئاب مع الغنم ويلعب الصبيان بالحيات لا تضرهم فيمكث أربعين سنة ثم يتوفى ويصلي عليه المسلمون " . وقد روى البخاري عن أبي هريرة قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلّم يقول : " انا أولى الناس بعيسى بن مريم والأنبياء أولاد علات ليس بين وبينه نبي " . وفي رواية : " أنا أولى الناس بعيسى بن مريم في الدنيا والآخرة الأنبياء إخوة لعلات أمهاتهم شتى ودينهم واحد " .
( حديث آخر ) : وروى مسلم في صحيحه عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلّم قال : " لا تقوم الساعة حتى تنزل الروم بالأعماق أو بدابق فيخرج إليهم جيش من المدينة من خيار أهل الأرض يومئذ فإذا تصافوا قالت الروم : خلوا بيننا وبين الذين سبوا منا نقاتلهم فيقول المسلمون : لا والله لا نخلي بينكم وبين أخواننا فيقاتلوهم فيهزم ثلث لا يتوب الله عليهم أبدا يقتل ثلث هم أفضل الشهداء عند الله ويفتح الثلث لا يفتنون أبدا فيفتحون ( قسطنطينية ) فبينما هم يقسمون الغنائم قد علقوا سيوفهم بالزيتون إذ صاح فيهم الشيطان : إن المسيح قد خلفكم ( خلفكم في أهليكم : أي طرق أهلهم وهم غائبون عنهم ) في أهليكم فيخرجون وذلك باطل فإذا جاءوا الشام خرج فبينما هم يعدون للقتال يسوون الصفوف إذا أقيمت الصلاة فينزل عيسى بن مريم فيؤمهم فإذا رآه عدو الله ذاب كما يذوب الملح في الماء فلو تركه لذاب حتى يهلك ولكن يقتله الله بيده فيريهم دمه في حربته " .
( حديث آخر ) : روى ابن ماجة في سننه عن أبي أمامة الباهلي قال : خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم فكان أكثر خطبته حديثا حدثناه عن الدجال وحذرناه فكان من قوله أن قال : " لم تكن فتنة في الأرض منذ ذرأ الله ذرية آدم عليه السلام أعظم من فتنة الدجال وإن الله لم يبعث نبيا إلا حذر أمته الدجال وأنا آخر الأنبياء وأنتم آخر الأمم وهو خارج فيكم لا محالة فإن يخرج وأنا بين ظهرانيكم فأنا حجيج كل مسلم وإن يخرج من بعدي فكل حجيج نفسه وإن الله خليفتي على كل مسلم وإنه يخرج من خلة بين الشام والعراق فيعيث يمينا ويعيث شمالا ألا يا عباد الله : أيها الناس فاثبتوا وإني سأصفه لكم صفة لم يصفها إياه نبي قبلي : إنه يبدأ فيقول : أنا نبي فلا نبي بعدي ثم يثني فيقول : أنا ربكم ولا ترون ربكم حتى تموتوا . وإنه أعور وإن ربكم D ليس بأعور وإنه مكتوب بين عينيه كافر يقرؤه كل مؤمن كاتب وغير كاتب وإن من فتنته أن معه جنة ونارا فناره جنة وجنته نار فمن ابتلي بناره فليستغث بالله وليقرأ فواتح الكهف فتكون عليه بردا وسلاما كما كانت النار بردا وسلاما على إبراهيم وإن من فتنته أن يقول للأعرابي : أرايت إن بعثت لك أمك وأباك أتشهد أني ربك ؟ فيقول نعم فيتمثل له شيطان في صورة أبيه وأمه فيقولان : يا بني اتبعه فإنه ربك وإن من فتنته أن يسلط على نفس واحدة فينشرها بالمنشار حتى تلقى شقتين ثم يقول انظر إلى عبدي هذا فإني أبعثه الآن ثم يزعم أن له ربا غيري فيبعثه الله فيقول له الخبيث من ربك ؟ فيقول : ربي الله وأنت عدو الله الدجال والله ما كنت بعد أشد بصيرة بك مني اليوم " .
وإن من فتنته : أن يأمر السماء أن تمطر فتمطر ويأمر الأرض أن تنبت فتنبت وإن من فتنته أن يمر بالحي فيكذبونه فلا تبقى لهم سائمة إلا هلكت وإن من فتنته أن يمر بالحي فيصدقونه فيأمر السماء أن تمطر فتمطر ويأمر الأرض أن تنبت فتنبت حتى تروح مواشيهم من يومهم ذلك اسمن ما كانت وأعظمه وأمده خواصر وأدره ضروعا وأنه لا يبقى شء من الأرض إلا وطئه وظهر عليه إلا ( مكة ) و ( المدينة ) فإنه لا يأتيهم من نقب من نقابهما إلا لقيته الملائكة بالسيوف صلتة حتى ينزل عند الظريب الأحمر عند منقطع السبخة فترجف المدينة بأهلها ثلاث رجفات فال يبقى منافق ولا منافقة إلا خرج إليه فينفى الخبث منها كما ينفى الكير خبث الحديد ويدعى ذلك اليوم ( يوم الخلاص ) فقالت أم شريك بنت أبي العكر : يا رسول الله فأين العرب يومئذ ؟ قال : " هم قليل وجلهم يومئذ ببيت المقدس وإمامهم رجل صالح فبينما إمامهم قد تقدم يصلي بهم الصبح إذ نزل عليه عيسى بن مريم عليه السلام فرجع ذلك الإمام يمشي القهقرى ليتقدم عيسى عليه السلام فيضع عيسى يده بين كتفيه ثم يقول : تقدم فصل فإنها لك أقيمت فيصلي بهم إمامهم فإذا انصرف قال عيسى : افتحوا الباب فيفتح ووراءه الدجال معه سبعون ألف يهودي كلهم ذو سيف محلى وتاج فإذا نظر إليه الدجال ذاب كما يذوب الملح في الماء وينطلق هاربا فيقول عيسى إن لي فيك ضربة لن تسبقني بها فيدركه عند باب لد ) الشرقي فيقتله ويهزم الله اليهود فلا يبقى شيء مما خلق الله تعالى يتوارى به يهودي إلا أنطق الله ذلك الشيء - لا حجر ولا شجر ولا حائط ولا دابة إلا الفرقدة فإنها من شجرهم لا تنطق - إلا قال يا عبد الله المسلم : هذا يهودي فتعال اقتله .
قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم : " وإن ايامه أربعون سنة السنة كنصف السنة والسنة كالشهر والشهر كالجمعة وآخر أيامه كالشررة يصبح أحدكم على باب المدينة فلا يبلغ بابها الآخر حتى يمسي " فقيل له : كيف نصلي يا نبي الله في تلك الأيام القصار ؟ قال : " تقدرون الصلاة كما تقدرون في هذه الأيام الطوال ثم صلوا " قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم : " فيكون عيسى بن مريم في أمتي حكما عدلا وإماما مقسطا يدق الصليب ويذبح الخنزير ويضع الجزية ويترك الصدقة فلا يسعى على شاة ولا بعير وترتفع الشحناء والتباغض وتنزح حمة كل ذات حمة حتى يدخل الوليد يده في الحية فلا تضره وتفر الوليدة الأسد فلا يضرها ويكون الذئب في الغنم كأنه كلبها وتملأ الأرض من السلم كما يملأ الأناء من الماء وتكون الكلمة واحدة فلا يعبد إلا الله وتضع الحرب أوزارها وتسلب قريش ملكها وتكون الأرض لها نور الفضة وتنبت نباتها كعهد آدم حتى يجتمع النفر على القطف من العنب فيشبعهم ويجتمع النفر على الرمانة فتشبعهم ويكون الثور بكذا وكذا من المال ويكون الفرس بالدريهمات " قيل يا رسول الله ومايرخص الفرس ؟ قال : " لا تركب لحرب أبدا " قيل له فما يغلي الثور ؟ قال : " يحرث الأرض كلها وإن قبل خروج الدجال ثلاث سنوات شداد يصيب الناس فيها جوع شديد ويأمر الله السماء في السنة الأولى أن تحبس ثلث مطرها ويأمر الأرض فتحبس ثلث نباتها ثم يأمر الله السماء في السنة الثانية فتحبس ثلثي مطرها ويأمر الأرض فتحبس ثلثي نباتها ثم يأمر الله D السماء في السنة الثالثة فتحبس مطرها كله فلا تقطر قطرة ويأمر الأرض أن تحبس نباتها كله فلا تنبت خضراء فلا تبقى ذات ظلف إلا هلكت إلا ما شاء الله " قيل : فما يعيش الناس في ذلك الزمان ؟ قال : " التهليل والتكبير والتسبيح والتحميد ويجري ذلك عليهم مجرى الطعام " ( أخرجه ابن ماجة قال الحافظ ابن كثير : غريب جدا من هذا الوجه ولبعضه شواهد من أحاديث أخر ) .
( حديث آخر ) : وقال رسول الله صلى الله عليه وسلّم : " لا تقوم الساعة حتى يقاتل المسلمون اليهود فيقتلهم المسلمون حتى يختبيء اليهودي من وراء الحجر والشجر فيقول الحجر والشجر : يا مسلم يا عبد الله هذا يهودي خلفي فتعال فاقتله - إلا الفرقد فإنه من شجر اليهود " ( رواه مسلم عن أبي هريرة مرفوعا ) .
( حديث آخر ) : وقال مسلم في صحيحه عن النواس بن سمعان قال : ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلّم الدجال ذات غداة فخفض فيه ورفع حتى ظنناه في طائفة النخل فلما رحنا إليه عرف ذلك في وجوهنا فقال : " ما شأنكم " ؟ قلنا : يا رسول الله ذكرت الدجال غداة فخفضت فيه ورفعت حتى ظنناه في طائفة النخل قال : " غير الدجال أخوفني عليكم إن يخرج وأنا فيكم فأنا حجيجه دونكم وإن يخرج ولست فيكم فامرؤ حجيج نفسه والله خليفتي على كل مسلم إنه شاب قطط عينه طافية كأني أشبهه بعبد العزى بن قطن من أدركه منكم فليقرأ عليه فواتح سورة الكهف إنه خارج من خلة بين الشام والعراق فعاث يمينا وعاث شمالا يا عباد الله فاثبتوا " قلنا : يا رسول الله فما لبثه في الأرض ؟ قال : " أربعون يوما يوم كسنة ويوم كشهر ويوم كجمعة وسائر أيامه كأيامكم " قلنا يا رسول الله وذلك اليوم الذي كسنة أتكفينا فيه صلاة يوم ؟ قا : " لا اقدروا له قدره " قلنا يا رسول الله وما إسراعه في الأرض ؟ قال : " كالغيث استدبرته الريح فيأتي على قوم فيدعوهم فيؤمنون به ويستجيبون له فيأمر السماء فتمطر والأرض فتنبت فتروح عليهم سارحتهم أطول ما كانت ذرى أسبغه ضروعا وأمده خواصر ثم يأتي القوم فيدعوهم فيردون عليهم قوله فينصرف عنهم فيصبحون ممحلين ليس بأيديهم شيء من أموالهم ويمر بالخربة فيقول لها : أخرجي كنوزك فتتبعه كنوزها كيعاسيب النحل ( يعاسيب النحل : ذكروها ) ثم يدعو رجلا ممتلئا شبابا فيضربه بالسيف فيقطعه جزلتين رمية الغرض ثم يدعوه فيقبل وتهلل وجهه ويضحك . فبينما هو كذلك إذ بعث الله ( المسيح بن مريم ) عليه السلام فينزل عند المنارة البيضاء شرقي دمشق بين مهرودتين واضعا كفيه على أجنحة ملكين إذا طأطأ رأسه قطر وإذار رفعه تحر منه كجمان اللؤلؤ ولا يحل لكافر يجد ريح نفسه إلا مات ونفسه ينتهي حيث ينتهي طرفه فيطلبه حتى يدركه بباب لد فيقتله ثم يأتي عيسى عليه السلام قوما قد عصمهم الله منه فيمسح عن وجوههم ويحدثهم بدرجاتهم في الجنة فبينما هو كذلك إذا أوحى الله D إلى عيسى : إني قد أخرجت عبادا لي لا يدان لأحد بقتالهم فحرز عبادي إلى الطور .
ويبعث الله ( يأجوج ومأجوج ) وهم من كل حدب ينسلون فيمر أولهم على بحيرة طبرية فيشربون ما فيها ويمر آخرهم فيقولون : لقد كان بهذا مرة ماء ويحضر نبي الله عيسى وأصحابه حتى يكون رأس الثور لأحدهم خيرا من مائة دينار لأحدكم اليوم فيرغب نبي الله عيسى وأصحابه فيرسل الله عليهم النغف في رقابهم فيصبحون فرسى ( أي : قتلى ) كموت نفس واحدة ثم يهبط نبي الله عيسى واصحابه إلى الارض فلا يجدون في الأرض موضع شبر إلا ملأه زهمهم ( رائحتهم النتنة المتغيرة ) ونتنهم فيرغب نبي الله عيسى وأصحابه إلى الله فيرسل الله طيرا كأعناق البخت فتحملهم فتطرحهم حيث شاء الله ثم يرسل الله مطرا لا يكن منه بيت مدر ولا وبر فيغسل الأرض حتى يتركها كالزلفة ( الزلفة بالتحريك : المرآة ) .
ثم يقال للأرض أخرجي ثمرك وردي بركتك فيومئذ تأكل العصابة من الرمانة ويستظلون بقحفها ويبارك الله في الرسل حتى أن اللقحة من الإبل لتكفي الفئام ( الرسل بالتحريك : القطيع الجمع أرسال واللقحة - بالكسر وبالفتح لغة - هي ذات اللبن والفئام الجماعة ) من الناس فبينما هم كذلك إذ بعث الله ريحا طيبة فتأخذهم تحت آباطهم فيقبض الله روح كل مؤمن وكل مسلم ويبقى شرار الناس يتهارجون فيها تهارج الحمر فعليهم تقوم الساعة " ( أخرجه مسلم ورواه أحمد وأهل السنن ) .
( يتبع . . . )