1 - يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيبا .
أمر الله تعالى خلقه بتقواه وهي عبادته وحده لا شريك له ومنبها لهم على قدرته التي خلقهم بها من { نفس واحدة } وهي آدم عليه السلام { وخلق منها زوجها } وهي حواء عليها السلام خلقت من ضلعه الأيسر من خلفه وهو نائم فاستيقظ فرآها فأعجبته فأنس إليه وأنست إليه . وقال ابن أبي حاتم عن ابن عباس : خلقت المرأة من الرجل فجعلت نهمتها في الرجل وخلق الرجل من الأرض فجعلت نهمته في الأرض فاحبسوا نساءكم ( رواه ابن أبي حاتم عن قتادة عن ابن عباس ) وفي الحديث الصحيح : " إن المرأة خلقت من ضلع وإن أعوج شيء في الضلع أعلاه فإن ذهبت تقيمه كسرته وأن استمتعت بها استمتعت بها وفيها عوج " وقوله : { وبث منهما رجالا كثيرا ونساء } أي وذرأ منهما : أي من آدم وحواء رجالا كثيرا ونساء ونشرهم في أقطار العالم على اختلاف اصنافهم وصفاتهم وألوانهم ولغاتهم ثم إليه بعد ذلك المعاد والمحشر ثم قال تعالى : { واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام } أي واتقوا الله بطاعتكم إياه قال مجاهد والحسن : { الذي تساءلون به } أي كما يقال أسألك بالله وبالرحم وقال الضحاك : واتقوا الله الذي تعاقدون وتعاهدون به واتقوا الأرحام أن تقطعوها ولكن بروها وصلوها قاله ابن عباس وعكرمة . وقرأ بعضهم : { والأرحام } بالخفض عطفا على الضمير في ( به ) أي تساءلون بالله وبالأرحام كما قال مجاهد وغيره .
وقوله : { إن الله كان عليكم رقيبا } أي هو مراقب لجميع أحوالكم وأعمالكم كما قال : { والله على كل شيء شهيد } وفي الحديث الصحيح : " اعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك " وهذا إرشاد وأمر بمراقبة الرقيب ولهذا ذكر تعالى أن أصل الخلق من أب واحد وأم واحدة ليعطف بعضهم على بعض ويحثهم على ضعفائهم وقد ثبت في صحيح مسلم من حديث ( جرير بن عبد الله البجلي ) : أن رسول الله صلى الله عليه وسلّم حين قدم عليه أولئك النفر من مضر - وهم مجتابو النمار أي من عريهم وفقرهم - قام فخطب الناس بعد صلاة الظهر فقال في خطبته : { يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة } حتى ختم الآية ثم قال : { يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله ولتنظر نفس ما قدمت لغد } ثم حضهم على الصدقة فقال : " تصدق رجل من ديناره من درهمه من صاع بره من صاع تمره " ( هو جزء من حديث آخرجه مسلم وأصحاب السنن عن ابن مسعود في خطبة الحاجة ) وذكر تمام الحديث