1 - إذا جاء نصر الله والفتح .
- 2 - ورأيت الناس يدخلون في دين الله أفواجا .
- 3 - فسبح بحمد ربك واستغفره إنه كان توابا .
روى البخاري عن ابن عباس قال : كان عمر يدخلني مع أشياخ بدر فكأن بعضهم وجد في نفسه فقال : لم يدخل هذا معنا ولنا أبناء مثله ؟ فقال عمر : إنه ممن قد علمتم فدعاهم ذات يوم فأدخله معهم فما رأيت أنه دعاني يومئذ إلا ليريهم فقال : ما تقولون في قول الله D { إذا جاء نصر الله والفتح } ؟ فقال بعضهم : أمرنا أن نحمد الله ونستغفره إذا نصرنا وفتح علينا وسكت بعضهم فلم يقل شيئا فقال لي : أكذلك تقول يا ابن عباس ؟ فقلت : لا فقال : ما تقول ؟ فقلت : هو أجل رسول الله صلى الله عليه وسلّم أعلمه له قال : { إذا جاء نصر الله والفتح } فذلك علامة أجلك { فسبح بحمد ربك واستغفره إنه كان توابا } فقال عمر بن الخطاب : لا أعلم منها إلا ما تقول ( أخرجه البخاري في صحيحه ) . وروى الإمام أحمد عن ابن عباس قال : لما نزلت { إذا جاء نصر الله والفتح } قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم : " نعيت إلي نفسي " وأنه مقبوض في تلك السنة وهكذا قال مجاهد والضحاك وغير واحد إنها أجل رسول الله صلى الله عليه وسلّم نعي إليه وعن ابن عباس قال : لما نزلت { إذا جاء نصر الله والفتح } حتى ختم السورة قال : نعيت لرسول الله صلى الله عليه وسلّم نفسه حين نزلت قال : فأخذ بأشد ما كان قط اجتهادا في أمر الآخرة وقال رسول الله صلى الله عليه وسلّم بعد ذلك : " جاء الفتح ونصر الله وجاء أهل اليمن " فقال رجل : يا رسول الله وما أهل اليمن ؟ قال : " قوم رقيقة قلوبهم لينة طباعهم الإيمان يمان والفقه يمان " ( أخرجه الطبراني والنسائي ) وقد ثبت أن رسول الله صلى الله عليه وسلّم قال يوم الفتح : " لا هجرة ولكن جهاد ونية ولكن إذا استنفرتم فانفروا " ( أخرجه البخاري ومسلم ) فالذي فسر به بعض الصحابة من جلساء عمر Bهم أجمعين من أنه قد أمرنا إذا فتح الله علينا المدائن والحصون أن نحمد الله ونشكره ونسبحه يعني نصلي له ونستغفره معنى مليح صحيح وقد ثبت له شاهد من صلاة النبي صلى الله عليه وسلّم يوم فتح مكة وقت الضحى ثماني ركعات فيستحب لأمير الجيش إذا فتح بلدا أن يصلي فيه أول ما يدخله ثماني ركعات وهكذا فعل سعد بن أبي وقاص يوم فتح المدائن وأما ما فسر به ابن عباس وعمر رضي الله تعالى عنهما من أن هذه السورة نعي فيها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلّم روحه الكريمة وأعلم أنك إذا فتحت مكة وهي قريتك التي أخرجتك ودخل الناس في دين الله أفواجا فقد فرغ شغلنا بك في الدنيا فتهيأ للقدوم علينا والوفود إلينا فللآخرة خير لك من الدنيا ولسوف يعطيك ربك فترضى ولهذا قال : { فسبح بحمد ربك واستغفره إنه كان توابا } .
روى البخاري عن مسروق عن عائشة قالت : كان رسول الله صلى الله عليه وسلّم يكثر أن يقول في ركوعه وسجوده : " سبحانك اللهم ربنا وبحمدك اللهم اغفر لي " يتأول القرآن ( أخرجه البخاري وبقية الجماعة إلا الترمذي ) وقالت عائشة : كان رسول الله صلى الله عليه وسلّم يكثر .
في آخر أمره من قول : " سبحان الله وبحمده أستغفر الله وأتوب إليه " وقال : " إن ربي كان أخبرني أني سأرى علامة في أمتي وأمرني إذا رأيتها أن أسبح بحمده وأستغفره إنه كان توابا فقد رأيتها { إذا جاء نصر الله والفتح ... ورأيت الناس يدخلون في دين الله أفواجا ... فسبح بحمد ربك واستغفره إنه كان توابا } " ( أخرجه أحمد ورواه مسلم بنحوه ) والمراد بالفتح ههنا فتح مكة قولا واحدا فإن أحياء العرب كانت تتلوم بإسلامها فتح مكة يقولون : إن ظهر على قومه فهو نبي فلما فتح الله عليه مكة دخلوا في دين الله أفواجا فلم تمض سنتان حتى استوسقت جزيرة العرب إيمانا ولم يبق في سائر قبائل العرب إلا مظهر للإسلام ولله الحمد والمنة وقد روى البخاري في صحيحه عن عمرو بن سلمة قال : لما كان الفتح بادر كل قوم بإسلامهم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلّم وكانت الأحياء تتلوم بإسلامها فتح مكة يقولون : دعوه وقومه فإن ظهر عليهم فهو نبي ( أخرجه البخاري ) الحديث . وقال الإمام أحمد بسنده : حدثني جار لجابر بن عبد الله قال : قدمت من سفر فجاءني ( جابر بن عبد الله ) فسلم علي فجعلت أحدثه عن افتراق الناس وما أحدثوا فجعل جابر يبكي ثم قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلّم يقول : " إن الناس دخلوا في دين الله أفواجا وسيخرجون منه أفواجا " ( أخرجه الإمام أحمد )