11 - ذرني ومن خلقت وحيدا .
- 12 - وجعلت له مالا ممدودا .
- 13 - وبنين شهودا .
- 14 - ومهدت له تمهيدا .
- 15 - ثم يطمع أن أزيد .
- 16 - كلا إنه كان لآياتنا عنيدا .
- 17 - سأرهقه صعودا .
- 18 - إنه فكر وقدر .
- 19 - فقتل كيف قدر .
- 20 - ثم قتل كيف قدر .
- 21 - ثم نظر .
- 22 - ثم عبس وبسر .
- 23 - ثم أدبر واستكبر .
- 24 - فقال إن هذا إلا سحر يؤثر .
- 25 - إن هذا إلا قول البشر .
- 26 - سأصليه سقر .
- 27 - وما أدراك ما سقر .
- 28 - لا تبقي ولا تذر .
- 29 - لواحة للبشر .
- 30 - عليها تسعة عشر .
يقول تعالى متوعدا لهذا الخبيث الذي أنعم الله عليه بنعم الدنيا فكفر بأنعم الله وبدلها كفرا وقابلها بالجحود بآيات الله والافتراء عليها وقد عدد الله عليه نعمه حيث قال تعالى : { ذرني ومن خلقت وحيدا } أي خرج من بطن أمه وحده لا مال له ولا ولد ثم رزقه الله تعالى : { مالا ممدودا } .
أي واسعا كثيرا قيل : ألف دينار وقيل : مائة ألف دينار وقيل أرضا يستغلها وقيل غير ذلك وجعل له { بنين شهودا } قال مجاهد : لايغيبون أي حضورا عنده لا يسافرون وهم قعود عند أبيهم يتمتع بهم ويتملى بهم وكانوا فيما ذكره السدي ثلاثة عشر وقال ابن عباس ومجاهد : كانوا عشرة وهذا أبلغ في النعمة وهو إقامتهم عنده { ومهدت له تمهيدا } أي مكنته من صنوف المال والأثاث وغير ذلك { ثم يطمع أن أزيد ... كلا إنه كان لآياتنا عنيدا } أي معاندا وهو الكفر على نعمه بعد العلم . قال الله تعالى : { سأرهقه صعودا } . روى ابن أبي حاتم عن أبي سعيد عن النبي صلى الله عليه وسلّم { سأرهقه صعودا } قال : " هو جبل في النار من نار يكلف أن يصعده فإذا وضع يده ذابت وإذا رفعها عادت " ( رواه ابن أبي حاتم و البزار وابن جرير ) وقال ابن عباس { صعودا } صخرة في جهنم يسحب عليها الكافر على وجهه وقال السدي : { صعودا } : صخرة ملساء في جهنم يكلف أن يصعدها وقال مجاهد : { سأرهقه صعودا } أي مشقة من العذاب وقال قتادة : عذابا لا راحة فيه واختاره ابن جرير وقوله تعالى : { إنه فكر وقدر } أي إنما أرهقناه صعودا لبعده عن الإيمان لأنه فكر { وقدر } أي تروى ماذا يقول في القرآن حين سئل عن القرآن ففكر ماذا يختلق من المقال { وقدر } أي تروى { فقتل كيف قدر ... ثم قتل كيف قدر } دعاء عليه { ثم نظر } أي أعاد النظرة والتروي { ثم عبس } أي قبض بين عينيه وقطب { وبسر } أي كلح زكره ومنه قول توبة بن حمير : .
وقد رابني منها صدود رأيته ... وإعراضها عن حاجتي وبسورها .
وقوله تعالى : { ثم أدبر واستكبر } أي صرف عن الحق ورجع القهقرى مستكبرا عن الانقياد للقرآن { فقال إن هذا إلا سحر يؤثر } أي هذا سحر ينقله محمد عن غيره ممن قبله ويحكيه عنهم ولهذا قال : { إن هذا إلا قول البشر } أي ليس بكلام الله وهذا المذكور في هذا السياق هو ( الوليد بن المغيرة ) المخزومي أحد رؤساء قريش لعنه الله قال ابن عباس : " دخل الوليد بن المغيرة على أبي بكر فسأله عن القرآن فلما أخبره خرج على قريش فقال : يا عجبا لما يقول ابن أبي كبشة فوالله ما هو بشعر ولا بسحر ولا بهذي من الجنون وإن قوله لمن كلام الله فلما سمع بذلك النفر من قريش ائتمروا وقالوا : والله لئن صبا الوليد لتصبو قريش فلما سمع بذلك أبو جهل بن هشام قال : أنا والله أكفيكم شأنه فانطلق حتى دخل عليه بيته فقال الوليد : ألم تر إلى قومك قد جمعوا لك الصدقة ؟ فقال : ألست أكثرهم مالا وولدا ؟ فقال أبو جهل : يتحدثون أنك إنما تدخل على ابن أبي قحافة لتصيب من طعامه فقال الوليد : أقد تحدث به عشيرتي ؟ فلا والله لا أقرب ابن أبي قحافة ولا عمر ولا ابن أبي كبشة وما قوله إلا سحر يؤثر فأنزل الله على رسوله صلى الله عليه وسلّم : { ذرني ومن خلقت وحيدا } إلى قوله { لا تبقي ولا تذر } ( أخرجه العوفي عن ابن عباس ) وقال قتادة : زعموا أنه قال : والله لقد نظرت فيما قال الرجل فإذا هو ليس بشعر وإن له لحلاوة وإن عليه لطلاوة وإنه ليعلو وما يعلى عليه وما أشك أنه سحر فأنزل الله : { فقتل كيف قدر } الآية { ثم عبس وبسر } قبض ما بين عينيه وكلح وروى ابن جرير عن عكرمة : أن الوليد بن المغيرة جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلّم فقرأ عليه القرآن فكأنه رق له فبلغ ذلك أبا جهل بن هشام فأتاه فقال : أي عم إن قومك يريدون أن يجمعوا لك مالا قال : لم ؟ قال : يعطونكه فإنك أتيت محمدا تعرض لما قبله قال : قد علمت قريش أني أكثرها مالا قال : فقل فيه قولا يعلم قومك أنك منكر لما قال وأنك كاره له قال : فماذا أقول فيه ؟ فوالله ما منكم رجل أعلم بالأشعار مني ولا أعلم برجزه ولا بقصيده ولا بأشعار الجن والله ما يشبه الذي يقول شيئا من هذا والله إن لقوله الذي يقوله لحلاوة وإنه ليحطم ما تحته وإنه ليعلو وما يعلى قال : والله لا يرضى قومك حتى تقول فيه قال فدعني حتى أتفكر فيه فلما فكر قال : إن هذا إلا سحر يؤثره عن غيره فنزلت : { ذرني ومن خلقت وحيدا } حتى بلغ { تسعة عشر } ( رواه ابن جرير ) . وقد زعم السدي أنهم لما اجتمعوا في دار الندوة ليجمعوا رأيهم على قول يقولونه فيه قبل أن يقدم عليهم وفود العرب للحج ليصدونهم عنه فقال قائلون : شاعر وقال آخرون : ساحر وقال آخرون : كاهن وقال آخرون : مجنون كما قال تعالى : { أنظر كيف ضربوا لك الأمثال فضلوا فلا يستطيعون سبيلا } كل هذا والوليد يفكر فيما يقوله فيه ففكر وقدر ونظر وعبس وبسر فقال : ( إن هذا إلا سحر يؤثر ... إن هذا إلا قول البشر ) قال الله تعالى : { سأصليه سقر } أي سأغمره فيها من جميع جهاته ثم قال تعالى : { وما أدراك ما سقر } ؟ وهذا تهويل لأمرها وتفخيم ثم فسر ذلك بقوله تعالى : { لا تبقي ولا تذر } أي تأكل لحومهم وعروقهم وعصبهم وجلودهم ثم تبدل غير ذلك وهم في ذلك لا يموتون ولا يحيون .
وقوله تعالى : { لواحة للبشر } قال مجاهد : أي للجلد وقال أبو رزين : تلفح الجلد لفحة فتدعه أسود من الليل وقال ابن عباس : تحرق بشرة الإنسان وقوله تعالى : { عليها تسعة عشر } أي من مقدمي الزبانية عظيم خلقهم غليظ خلقهم روى ابن أبي حاتم عن البراء في قوله تعالى : { عليها تسعة عشر } قال : إن رهطا من اليهود سألوا رجلا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلّم عن خزنة جهنم فقال : الله ورسوله أعلم فجاء رجل فأخبر النبي صلى الله عليه وسلّم فأنزل الله تعالى عليه ساعتئذ { عليها تسعة عشر } فأخبر أصحابه ( رواه ابن أبي حاتم ) . وروى الحافظ البراز عن جابر بن عبد الله Bه قال : جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلّم فقال : يا محمد غلب أصحابك اليوم فقال : " بأي شيء " ؟ قال : سألتهم يهود : هل أعلمكم نبيكم عدة خزنة أهل النار ؟ قالوا : لا نعلم حتى نسأل نبينا صلى الله عليه وسلّم قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم : " أفغلب قوم يسألون عما لا يعلمون فقالوا : لا نعلم حتى نسأل نبينا صلى الله عليه وسلّم ؟ علي بأعداء الله لكنهم قد سألوا نبيهم أن يريهم الله جهرة " فأرسل إليهم فدعاهم قالوا : يا أبا القاسم كم عدة خزنة أهل النار ؟ قال : " هكذا " وطبق كفيه ثم طبق كفيه مرتين وعقد واحدة وقال لأصحابه : " إن سئلتم عن تربة الجنة فهي الدرمك " فلما سألوه فأخبرهم بعدة خزنة أهل النار قال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلّم : " ما تربة الجنة " فنظر بعضهم إلى بعض فقالوا : خبزة يا أبا القاسم فقال : " الخبز من الدرمك " ( رواه البزار وأحمد والترمذي )