بسم الله الرحمن الرحيم .
- 1 - إذا جاءك المنافقون قالوا نشهد إنك لرسول الله والله يعلم إنك لرسوله والله يشهد إن المنافقين لكاذبون .
- 2 - اتخذوا أيمانهم جنة فصدوا عن سبيل الله إنهم ساء ما كانوا يعملون .
- 3 - ذلك بأنهم آمنوا ثم كفروا فطبع على قلوبهم فهم لا يفقهون .
- 4 - وإذا رأيتهم تعجبك أجسامهم وإن يقولوا تسمع لقولهم كأنهم خشب مسندة يحسبون كل صيحة عليهم هم العدو فاحذرهم قاتلهم الله أنى يؤفكون .
يقول تعالى مخبرا عن المنافقين أنهم إنما يتفهون بالإسلام ظاهرا فأما في باطن الأمر فليسوا كذلك بل على الضد من ذلك ولهذا قال تعالى : { إذا جاءك المنافقون قالوا نشهد إنك لرسول الله } أي إذا حضروا عندك واجهوك بذلك وأظهروا لك ذلك وليس كما يقولون ولهذا اعترض بجملة مخبرة أنه رسول الله فقال : { والله يعلم إنك لرسوله } . ثم قال تعالى : { والله يشهد إن المنافقين لكاذبون } أي فيما أخبروا به لأنهم لم يكونوا يعتقدون صحة ما يقولون ولا صدقه ولهذا كذبهم بالنسبة إلى اعتقادهم وقوله تعالى : { اتخذوا أيمانهم جنة فصدوا عن سبيل الله } أي اتقوا الناس بالأيمان الكاذبة ليصدقوا فيما يقولون فاغتر بهم من لا يعرف جلية أمرهم فاعتقدوا أنهم مسلمون وهم من شأنهم أنهم كانوا في الباطن لا يألون الإسلام وأهله خيالا فحصل بهذا القدر ضرر كبير على كثير من الناس ولهذا قال تعالى : { فصدوا عن سبيل الله إنهم ساء ما كانوا يعملون } وقوله تعالى : { ذلك بأنهم آمنوا ثم كفروا فطبع على قلوبهم فهم لا يفقهون } أي إنما قدر عليهم النفاق لرجوعهم عن الإيمان إلى الكفران واستبدالهم الضلالة بالهدى { فطبع الله على .
قلوبهم فهم لا يفقهون } أي فلا يصل إلى قلوبهم هدى ولا يخلص إليها خير فلا تعي ولا تهتدي . وقوله تعالى : { وإذا رأيتهم تعجبك أجسامهم وإن يقولوا تسمع لقولهم } أي وكانوا أشكالا حسنة وذوي فصاحة وألسنة وإذا سمعهم السامع يصغي إلى قولهم لبلاغتهم وهم مع ذلك في غاية الضعف والخور والهلع والجزع ولهذا قال تعالى : { يحسبون كل صيحة عليهم } أي كلما وقع أمر أو خوف يعتقدون لجبنهم أنه نازل بهم كما قال تعالى : { فإذا جاء الخوف رأيتهم ينظرون إليك تدور أعينهم كالذي يغشى عليه من الموت } فهم جهامات وصور بلا معاني ولهذا قال تعالى : { هم العدو فاحذرهم قاتلهم الله أنى يؤفكون } أي كيف يصرفون عن الهدى إلى الضلال وفي الحديث : " إن للمنافقين علامات يعرفون بها : تحيتهم لعنة وطعامهم نهبة وغنيمتهم غلول ولا يقربون المساجد إلا هجرا ولا يأتون الصلاة إلا دبرا مستكبرين لا يألفون ولا يؤلفون خشب بالليل صخب بالنهار " ( أخرجه الإمام أحمد عن أبي هريرة مرفوعا وقال يزيد بن مرة : سخب بالنهار أي بالسين )