30 - فأما الذين آمنوا وعملوا الصالحات فيدخلهم ربهم في رحمته ذلك هو الفوز المبين .
- 31 - وأما الذين كفروا أفلم تكن آياتي تتلى عليكم فاستكبرتم وكنتم قوما مجرمين .
- 32 - وإذا قيل إن وعد الله حق والساعة لا ريب فيها قلتم ما ندري ما الساعة إن نظن إلا ظنا وما نحن بمستيقنين .
- 33 - وبدا لهم سيئات ما عملوا وحاق بهم ما كانوا به يستهزئون .
- 34 - وقيل اليوم ننساكم كما نسيتم لقاء يومكم هذا ومأواكم النار وما لكم من ناصرين .
- 35 - ذلكم بأنكم اتخذتم آيات الله هزوا وغرتكم الحياة الدنيا فاليوم لا يخرجون منها ولا هم يستعتبون .
- 36 - فلله الحمد رب السماوات ورب الأرض رب العالمين .
- 37 - وله الكبرياء في السماوات والأرض وهو العزيز الحكيم .
يخبر تعالى عن حكمه في خلقه يوم القيامة فقال تعالى : { فأما الذين آمنوا وعملوا الصالحات } أي آمنت قلوبهم وعملت جوارحهم الأعمال الصالحة وهي الخالصة الموافقة للشرع { فيدخلهم ربهم في رحمته } وهي الجنة كما ثبت في الصحيح أن الله تعالى قال للجنة أنت رحمتي أرحم بك من أشاء ( هذا جزء من حديث أخرجه الشيخان وأوله : " تحاجت الجنة والنار فقالت النار : أورثت بالمتكبرين وقالت الجنة : مالي لا يدخلني إلا سقط الناس وضعفاؤهم ؟ فأوحى الله للجنة أنت رحمتي " . . . الخ ) { ذلك هو الفوز المبين } أي البين الواضح ثم قال تعالى { وأما الذين كفروا أفلم تكن آياتي تتلى عليكم فاستكبرتم } ؟ أي يقال لهم ذلك تقريعا وتوبيخا أما قرئت عليكم آيات الله تعالى فاستكبرتم عن اتباعها وأعرضتم عن سماعها وكنتم قوما مجرمين في أفعالكم مع ما اشتملت عليه قلوبكم من التكذيب ؟ { وإذا قيل إن وعد الله حق والساعة لا ريب فيها } أي إذا قال لكم المؤمنون ذلك { قلتم ما ندري ما الساعة } أي لا نعرفها { إن نظن إلا ظنا } أي إن نتوهم وقوعها إلا توهما أي مرجوحا ولهذا قال : { وما نحن مستيقنين } أي بمتحققين قال الله تعالى : { وبدا لهم سيئات ما عملوا } أي وظهر لهم عقوبة أعمالهم السيئة { وحاق بهم } أي أحاط بهم { ما كانوا به يستهزئون } أي من العذاب والنكال { وقيل اليوم ننساكم } أي نعاملكم معاملة الناسي لكم في نار جهنم { كما نسيتم لقاء يومكم هذا } أي فلم تعملوا له لأنكم لم تصدقوا به { ومأواكم النار ومالكم من ناصرين } وقد ثبت في الصحيح أن الله تعالى يقول لبعض العبيد يوم القيامة : " ألم أزوجك ؟ ألم أكرمك ؟ ألم أسخر لك الخيل والإبل وأذرك ترأس وتربع ؟ فيقول : بلى يا رب فيقول : أفظننت أنك ملاقي ؟ فيقول : لا فيقول الله تعالى : " فاليوم أنساك كما نسيتني " قال الله تعالى : { ذلكم بأنكم اتخذتم آيات الله هزوا } أي إنما جازيناكم هذا الجزاء لأنكم اتخذتم حجج الله عليكم سخريا تسخرون وتستهزئون بها { وغرتكم الحياة الدنيا } أي خدعتكم فاطمأننتم إليها فأصبحتم من الخاسرين ولهذا قال D : { فاليوم لا يخرجون منها } أي من النار { ولا هم يستعتبون } أي لا يطلب منهم العتبى بل يعذبون بغير حساب ولا عتاب كما تدخل طائفة من المؤمنين الجنة بغير عذاب ولا حساب . ثم لما ذكر تعالى حكمه في المؤمنين والكافرين قال { فلله الحمد رب السماوات ورب الأرض } أي المالك لهما وما فيهما ولهذا قال : { رب العالمين } ثم قال جل وعلا : { وله الكبرياء في السماوات والأرض } قال مجاهد : يعني السلطان أي هو العظيم الممجد الذي كل شيء خاضع لديه فقير إليه وقد ورد في الحديث الصحيح : " يقول الله تعالى : العظمة إزاري والكبرياء ردائي فمن نازعني واحدا منهما أسكنته ناري " ( وفي رواية : فمن نازعني فيهما قصمته ولا أبالي والحديث في صحيح مسلم ) وقوله تعالى : { وهو العزيز } أي الذي لا يغالب ولا يمانع { الحكيم } في أقواله وأفعاله وشرعه وقدره تعالى وتقدس لا إله إلا هو