21 - أم حسب الذين اجترحوا السيئات أن نجعلهم كالذين آمنوا وعملوا الصالحات سواء محياهم ومماتهم ساء ما يحكمون .
- 22 - وخلق الله السماوات والأرض بالحق ولتجزى كل نفس بما كسبت وهم لا يظلمون .
- 23 - أفرأيت من اتخذ إلهه هواه وأضله الله على علم وختم على سمعه وقلبه وجعل على بصره غشاوة فمن يهديه من بعد الله أفلا تذكرون .
يقول تعالى : لا يستوي المؤمنون والكافرون كما قال في آية أخرى : { لا يستوي أصحاب النار وأصحاب الحنة أصحاب الجنة هم الفائزون } وقال تبارك وتعالى : { أم حسب الذين اجترحوا السيئات } أي عملوها وكسبوها { أن نجعلهم كالذين آمنوا وعملوا الصالحات سواء محياهم ومماتهم } ؟ أي نساويهم بها في الدنيا والآخرة { ساء ما يحكمون } أي ساء ما ظنوا بنا وبعدلنا أن نساوي بين الأبرار والفجار فكما لا يجتنى من الشوك العنب كذلك لا ينال الفجار منازل الأبرار ذكر محمد بن إسحاق أنهم وجدوا حجرا بمكة من أس الكعبة مكتوب عليه " تعملون السيئات وترجون الحسنات أجل كما يجنى من الشوك العنب " . وعن مسروق أن تميما الداري قام ليلة حتى أصبح يردد هذه الآية : { أم حسب الذين اجترحوا السيئات أن نجعلهم كالذين آمنوا وعملوا الصالحات } ( أخرجه الطبراني عن أبي الضحى عن مسروق ) ولهذا قال تعالى : { ساء ما يحكمون } وقال D : { وخلق الله السماوات والأرض بالحق } أي بالعدل { ولتجزي كل نفس بما كسبت وهم لا يظلمون } ثم قال جل وعلا : { أفرأيت من اتخذ إلهه هواه } أي إنما يأتمر بهواه فمهما رأه حسنا فعله ومهما رأه قبيحا تركه لا يهوى شيئا إلا عبده وقوله : { وأضله الله على علم } يحتمل قولين : ( أحدهما ) : وأضله الله لعلمه أنه يستحق ذلك ( والآخر ) : وأضله الله بعد بلوغ العلم إليه وقيام الحجة عليه والثاني يستلزم الأول ولا ينعكس { وختم على سمعه وقلبه وجعل .
على بصره غشاوة } أي فلا يسمع ما ينفعه ولا يعي شيئا يهتدي به ولا يرى حجة يستضيء بها ولهذا قال تعالى : { فمن يهديه من بعد الله أفلا تذكرون } ؟ كقوله تعالى : { من يضلل الله فلا هادي له ويذرهم في طغيانهم يعمهون }