66 - هل ينظرون إلا الساعة أن تأتيهم بغتة وهم لا يشعرون .
- 67 - الأخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدو إلا المتقين .
- 68 - يا عباد لا خوف عليكم اليوم ولا أنتم تحزنون .
- 69 - الذين آمنوا بآياتنا وكانوا مسلمين .
- 70 - ادخلوا الجنة أنتم وأزواجكم تحبرون .
- 71 - يطاف عليهم بصحاف من ذهب وأكواب وفيها ما تشتهيه الأنفس وتلذ الأعين وأنتم فيها خالدون .
- 72 - وتلك الجنة التي أورثتموها بما كنتم تعملون .
- 73 - لكم فيها فاكهة كثيرة منها تأكلون .
يقول تعالى : هل ينتظر هؤلاء المشركون المكذبون للرسل { إلا الساعة أن تأتيهم بغتة وهم لا يشعرون } أي فإنها كائنة لا محالة وواقعة وهؤلاء غافلون عنها فإذا جاءت إنما تجيء وهم لا يشعرون بها فحيئذ يندمون كل الندم حيث لا ينفعهم ولا يدفع عنهم وقوله تعالى : { الأخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدو إلا المتقين } أي كل صداقة وصحابة لغير الله فإنها تنقلب يوم القيامة عداوة إلا ما كان لله D فإنه دائم بدوامه وهذا كما قال إبراهيم E لقومه : { إنما اتخذتم من دون الله أوثانا مودة بينكم في الحياة الدنيا ثم يوم القيامة يكفر بعضكم ببعض ويلعن بعضكم بعضا ومأواكم النار ومالكم من ناصرين } قال ابن عباس ومجاهد : صارت كل خلة عداوة يوم القيامة إلا المتقين . وروى الحافظ ابن عساكر عن أبي هريرة Bه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم : " لو أن رجلين تحابا في الله أحدهما بالمشرق والآخر بالمغرب لجمع الله تعالى بينهما يوم القيامة يقول هذا الذي أحببته في " وقوله تبارك وتعالى : { يا عبادي لا خوف عليكم اليوم ولا أنتم تحزنون } ثم بشرهم فقال : { الذين آمنوا بآياتنا وكانوا مسلمين } أي آمنت قلوبهم وبواطنهم وانقادت لشرع الله جوارحهم وظواهرهم قال المعتمر ابن سليمان عن أبيه : إذا كان يوم القيامة فإن الناس حين يبعثون لا يبقى أحد منهم إلا فزع فينادي مناد { يا عبادي لا خوف عليكم اليوم ولا أنتم تحزنون } فيرجوها الناس كلهم قال فيتبعها : { الذين آمنوا بآياتنا وكانوا مسلمين } قال : فييأس الناس منها غير المؤمنين { ادخلوا الجنة } أي يقال لهم ادخلوا الجنة { أنتم وأزواجكم } أي نظراؤكم { تحبرون } أي تتنعمون وتسعدون وقد تقدم تفسيرها في سورة الروم . { يطاف عليهم بصحاف من ذهب } أي زبادي آنية الطعام { وأكواب } وهي آنية الشراب أي من ذهب لا خراطيم لها ولا عرى { وفيها ما تشتهيه الأنفس } وقرأ بعضهم تشتهي الأنفس : { وتلذ الأعين } أي طيب الطعم والريح وحسن المنظر روى عبد الرزاق عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلّم قال : " إن أدنى أهل الجنة منزلة وأسفلهم درجة لا يدخل بعده الجنة أحد يفسح له في بصره مسيرة مائة عام في قصور من ذهب وخيام من لؤلؤ ليس فيها موضع شبر إلا معمور يغدى عليه ويراح بسبعين ألف صفحة من ذهب ليس فيها صفحة لون ليس في الأخرى مثله شهوته في آخرها كشهوته في أولها لو نزل به جميع أهل الأرض لوسع عليهم مما أعطي لا ينقص ذلك مما أوتي شيئا " ( أخرجه عبد الرزاق عن ابن عباس مرفوعا ) .
وقوله تعالى : { وأنتم فيها } أي في الجنة { خالدون } أي لا تخرجون منها ولا تبغون عنها حولا ثم قيل لهم على مجه التفضل والامتنان : { وتلك الجنة التي أورثتموها بما كنتم تعملون } أي أعمالكم الصالحة كانت سببا لشمول رحمة الله إياكم فإنه لا يدخل أحدا عمله الجنة ولكن برحمة الله وفضله وإنما الدرجات ينال تفاوتها بحسب الأعمال الصالحات . روى ابن أبي حاتم عن أبي هريرة Bه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم : " كل أهل النار يرى منزله من الجنة فيكون له حسرة فيقول : { لو أن الله هداني لكنت من المتقين } وكل أهل الجنة يرى منزله من النار فيقول : { وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله } فيكون له شكرا " قال : وما من أحد إلا وله منزل في الجنة ومنزل في النار الكافر يرث المؤمن منزله من النار والمؤمن يرث الكافر منزله في الجنة وذلك قوله تعالى : { وتلك الجنة أورثتموها بما كنتم تعملون } ( أخرجه ابن أبي حاتم عن أبي هريرة مرفوعا ) وقوله تعالى : { لكم فيها فاكهة كثيرة } أي من جميع الأنواع { منها تأكلون } أي مهما اخترتم وأردتم ولما ذكر الطعام والشراب ذكر بعده الفاكهة لتتمم النعمة والغبطة والله تعالى أعلم