بسم الله الرحمن الرحيم .
- 1 - حم .
- 2 - والكتاب المبين .
- 3 - إنا جعلناه قرآنا عربيا لعلكم تعقلون .
- 4 - وإنه في أم الكتاب لدينا لعلي حكيم .
- 5 - أفنضرب عنكم الذكر صفحا أن كنتم قوما مسرفين .
- 6 - وكم أرسلنا من نبي في الأولين .
- 7 - وما يأتيهم من نبي إلا كانوا به يستهزئون .
- 8 - فأهلكنا أشد منهم بطشا ومضى مثل الأولين .
يقول تعالى : { حم والكتاب المبين } أي البين الواضح الجلي المنزل بلغة أهل العرب التي هي أفصح اللغات ولهذا قال تعالى : { إنا جعلناه } أي أنزلناه { قرآنا عربيا } أي بلغة العرب فصيحا واضحا { لعلكم تعقلون } أي تفهمونه وتتدبرونه كما قال D : { بلسان عربي مبين } وقوله تعالى : { وإنه في أم الكتاب لدينا لعلي حكيم } بين شرفه في الملأ الأعلى ليشرفه ويعظمه ويطيعه أهل الأرض فقال تعالى { وإنه } أي القرآن { في أم الكتاب } أي اللوح المحفوظ { لدينا } أي عندنا { لعلي } أي ذو مكانة عظيمة وشرف وفضل { حكيم } أي محكم بريء من اللبس والزيغ وهكذا كله تنبيه على شرفه وفضله كما قال تبارك وتعالى : { إنه لقرآن كريم ... في كتاب مكنون ... لا يمسه إلا المطهرون } وقال تعالى : { في صحف مكرمة ... مرفوعة مطهرة ... بأيدي سفرة ... كرام بررة } ولهذا استنبط العلماء من هاتين الآيتين أن المحدث لا يمس المصحف لأن الملائكة يعظمون المصاحف المشتملة على القرآن في الملأ الأعلى فأهل الأرض بذلك أولى وأحرى لأنه نزل عليهم وخطابه متوجه إليهم فهم أحق أن يقابلوه بالإكرام والتعظيم والانقياد له بالقبول والتسليم لقوله تعالى : { وإنه في أم الكتاب لدينا لعلي حكيم } وقوله D : { أفنضرب عنكم الذكر صفحا أن كنتم قوما مسرفين } ؟ اختلف المفسرون في معناها فقيل معناها : أتحسبون أن نصفح عنكم فلا نعذبكم ولم تفعلوا ما أمرتم به ( وهو قول مجاهد والسدي ) قاله ابن عباس واختاره ابن جرير وقال قتادة : والله لو أن هذا القرآن رفع حين ردته أوائل هذا الأمة لهلكوا ولكن الله تعالى عاد بعائدته ورحمته فكرره عليهم ودعاهم إليه عشرين سنة أو ما شاء الله من ذلك وقول قتادة لطيف المعنى جدا وحاصله أنه يقول في معناه : إنه تعالى من لطفه ورحمته بخلقه لا يترك دعاءهم إلى الخير وإلى الذكر الحكيم وهو ( القرآن ) وإن كانوا مسرفين معرضين عنه بل أمر ليهتدي به من قدر هدايته وتقوم الحجة على من كتب شقاوته ثم قال جل وعلا مسليا لنبيه صلى الله عليه وسلّم في تكذيب من كذبه من قومه { وكم أرسلنا من نبي في الأولين } أي في شيع الأولين { وما يأتيهم من نبي إلا كانوا به يستهزئون } أي يكذبونه ويسخرون به { فأهلكنا أشد منهم بطشا } أي فأهلكنا المكذبين بالرسل وقد كانوا أشد بطشا من هؤلاء المكذبين لك يا محمد كقوله D : { أفلم يسيروا في الأرض فينظروا كيف كان عاقبة الذين من قبلهم كانوا أكثر منهم وأشد قوة } والآيات في ذلك كثيرة جدا . وقوله جل جلاله { ومضى مثل الأولين } قال مجاهد : سنتهم وقال قتادة : عقوبتهم وقال غيرهما : عبرتهم : أي جعلناهم عبرة لمن بعدهم من المكذبين أن يصيبهم ما أصابهم كقوله تعالى : { فجعلناهم سلفا ومثلا للآخرين } وكقوله جلت عظمته : { سنة الله التي قد خلت في عباده } وقوله : { ولن تجد لسنة الله تبديلا }