40 - وجزاء سيئة سيئة مثلها فمن عفا وأصلح فأجره على الله إنه لا يحب الظالمين .
- 41 - ولمن انتصر بعد ظلمه فأولئك ما عليهم من سبيل .
- 42 - إنما السبيل على الذين يظلمون الناس ويبغون في الأرض بغير الحق أولئك لهم عذاب أليم .
- 43 - ولمن صبر وغفر إن ذلك لمن عزم الأمور .
قوله تبارك وتعالى : { وجزاء سيئة سيئة مثلها } كقوله تعالى : { فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم } وكقوله { وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به } الآية فشرع العدل وهو ( القصاص ) وندب إلى الفضل وهو { العفو } كقوله جل وعلا : { والجروح قصاص فمن تصدق به فهو كفارة له } ولهذا قال ههنا : { فمن عفا وأصلح فأجره على الله } أي لا يضيع ذلك عند الله كما صح ذلك في الحديث : " وما زاد الله تعالى عبدا بعفو عزا " وقوله تعالى : { إنه لا يحب الظالمين } أي المعتدين وهو المبتدئ بالسيئة ثم قال جل وعلا : { ولمن انتصر بعد ظلمه فأولئك ما عليهم من سبيل } أي ليس عليهم جناح في الانتصار ممن ظلمهم روى النسائي عن عروة قال قالت عائشة Bها : ما علمت حتى دخلت علي زينب بغير إذن وهي غضبى ثم قالت لرسول الله صلى الله عليه وسلّم : حسبك إذا قلبت لك ابنة أبي بكر درعها ثم أقبلت علي فأعرضت عنها حتى قال النبي صلى الله عليه وسلّم : " دونك فانتصري " فأقبلت عليها حتى رأيت ريقها قد يبس في فمها ما ترد علي شيئا فرأيت النبي صلى الله عليه وسلّم يتهلل وجهه " ( أخرجه النسائي وابن ماجة واللفظ للنسائي ) وروى البزار عن عائشة Bها قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم : " من دعا على من ظلمه فقد انتصر " ( أخرجه البزار والترمذي ) . وقوله D : { إنما السبيل } أي إنما الحرج والعنت { على الذين يظلمون الناس ويبغون في الأرض بغير الحق } أي يبدأون الناس بالظلم كما جاء في الحديث الصحيح : " المستبان ما قالا فعلى البادئ ما لم يعتد المظلوم " { أولئك لهم عذاب أليم } أي شديد موجع ثم إن الله تعالى لما ذم الظلم وأهله وشرع القصاص قال نادبا إلى العفو والصفح : { ولمن صبر وغفر } أي صبر على الأذى وستر السيئة { إن ذلك لمن عزم الأمور } أي لمن الأمور المشكورة والأفعال الحميدة التي عليها ثواب جزيل وثناء جميل . وقال الفضيل بن عياض : " إذا أتاك رجل يشكو إليك رجلا فقل : يا أخي اعف عنه فإن العفو أقرب للتقوى فإن قال : لا يحتمل قلبي العفو ولكن انتصر كما أمرني الله D فقل له : إن كنت تحسن أن تنتصر وإلا فارجع إلى باب العفو فإنه باب واسع فإنه { من عفا وأصلح فأجره على الله } وصاحب العفو ينام على فراشه بالليل وصاحب الانتصار يقلب الأمور " ( رواه ابن أبي حاتم من كلام الفضيل Bه ) . وروى الإمام أحمد عن أبي هريرة Bه قال : إن رجلا شتم أبا بكر Bه والنبي صلى .
الله عليه وسلم جالس فجعل النبي صلى الله عليه وسلّم يعجب ويبتسم فلما أكثر رد عليه بعض قوله فغضب النبي صلى الله عليه وسلّم وقام فلحقه أبو بكر Bه فقال : يا رسول الله إنه كان يشتمني وأنت جالس فلما رددت عليه بعض قوله غضبت وقمت قال : " إنه كان معك ملك يرد عنك فلما رددت عليه بعض قوله حضر الشيطان فلم أكن لأقعد مع الشيطان " ثم قال : " يا أبا بكر ثلاث كلهن حق : ما من عبد ظلم بمظلمة فيغضي عنها لله إلا أعزه الله تعالى بها ونصره وما فتح رجل باب عطية يريد بها صلة إلا زاده الله بها كثرة وما فتح رجل باب مسألة يريد بها كثرة إلا زاده الله D بها قلة " ( أخرجه أحمد وأبو داود ) وهذا الحديث في غاية الحسن في المعنى وهو مناسب للصديق Bه