30 - إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا تتنزل عليهم الملائكة ألا تخافوا ولا تحزنوا وأبشروا بالجنة التي كنتم توعدون .
- 31 - نحن أولياؤكم في الحياة الدنيا وفي الآخرة ولكم فيها ما تشتهي أنفسكم ولكم فيها ما تدعون .
- 32 - نزلا من غفور رحيم .
يقول تعالى : { إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا } أي أخلصوا العمل لله وعملوا بطاعة الله تعالى على ما شرع الله لهم قال الحافظ أبو يعلى الموصلي عن أنس بن مالك Bه قال : " قرأ علينا رسول الله صلى الله عليه وسلّم هذه الآية : { إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا } قد قالها ناس ثم كفر أكثرهم فمن قالها حتى يموت فقد استقام عليها " ( أخرجه ابن جرير عن سعيد ابن عمران ) وعن سعيد بن عمران قال : " قرأت عند أبي بكر الصديق Bه هذه الآية : { إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا } قال : هم الذين لم يشركوا بالله شيئا " ( أخرجه النسائي والبزار وابن جرير ) . وقال عكرمة : سئل ابن عباس Bهما : أي آية في كتاب الله تبارك وتعالى أرخص ؟ قال قوله تعالى : { إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا } على شهادة أن لا إله إلا الله . وقال الزهري : تلا عمر Bه هذه الآية على المنبر ثم قال : استقاموا والله لله بطاعته ولم يروغوا روغان الثعالب . وقال ابن عباس Bهما : { ثم استقاموا } على أداء فرائضه وكان الحسن يقول : اللهم أنت ربنا فارزقنا الاستقامة وقال أبو العالية : { ثم استقاموا } أخلصوا له الدين والعمل وعن سفيان بن عبد الله الثقفي قال قلت : يا رسول الله .
حدثني بأمر أعتصم به قال صلى الله عليه وسلّم : " قل ربي الله ثم استقم " قلت : يا رسول الله ما أكثر ما تخاف علي ؟ فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلّم بطرف لسان نفسه ثم قال : " هذا " ( أخرجه أحمد والترمذي وابن ماجه وقال الترمذي : حسن صحيح ) وفي رواية : قلت : يا رسول الله قل لي في الإسلام قولا لا أسأل عنه أحدا بعدك قال صلى الله عليه وسلّم : " قل آمنت بالله ثم استقم " ( أخرجه مسلم والنسائي ) .
وقوله تعالى : { تتنزل عليهم الملائكة } قال مجاهد والسدي : يعني عند الموت قائلين : { ألا تخافوا } أي مما تقدمون عليه من أمر الآخرة { ولا تحزنوا } على ما خلفتموه من أمر الدنيا من ولد وأهل ومال أو دين فإنا نخلفكم فيه { وأبشروا بالجنة التي كنتم توعدون } فيبشرونهم بذهاب الشر وحصول الخير وهذا كما جاء في حديث البراء Bه قال : " إن الملائكة تقول لروح المؤمن : اخرجي أيتها الروح الطيبة في الجسد الطيب كنت تعمرنيه اخرجي إلى روح وريحان ورب غير غضبان " وقيل : إن الملائكة تتنزل عليهم يوم خروجهم من قبورهم ( حكاه ابن جرير عن ابن عباس والسدي ) وقال زيد بن أسلم : يبشرونه عند موته وفي قبره وحين يبعث وهذا القول يجمع الأقوال كلها وهو حسن جدا وقوله تبارك وتعالى : { نحن أولياؤكم في الحياة الدنيا وفي الآخرة } أي تقول الملائكة للمؤمنين عند الاحتضار : نحن كنا أولياءكم أي قرناءكم في الحياة الدنيا نسددكم ونوفقكم ونحفظكم بأمر الله وكذلك نكون معكم في الآخرة نؤنس منكم الوحشة في القبور وعند النفخة في الصور ونؤمنكم يوم البعث والنشور { ولكم فيها ما تشتهي أنفسكم } أي في الجنة من جميع ما تختارون مما تشتهيه النفوس وتقر به العيون { ولكم فيها ما تدعون } أي مهما طلبتم وجدتم وحضر بين أيديكم كما اخترتم { نزلا من غفور رحيم } أي ضيافة وعطاء { من غفور } لذنوبكم { رحيم } بكم حيث غفر وستر ورحم ولطف وفي الحديث : " من أحب لقاء الله أحب الله لقاءه ومن كره لقاء الله كره الله لقاءه " قلنا : يا رسول الله : كلنا نكره الموت قال صلى الله عليه وسلّم : " ليس ذلك كراهية المرت ولكن المؤمن إذا حضر جاءه البشير من الله تعالى بما هو صائر إليه فليس شيء أحب إليه من أن يكون قد لقي الله تعالى فأحب الله لقاءه قال : وإن الفاجر أو الكافر إذا حضر جاءه بما هو صائر إليه من الشر أو ما يلقى من الشر فكره لقاء الله فكره الله لقاءه " ( أخرجه الإمام أحمد عن أنس Bه )