9 - أم من هو قانت آناء الليل ساجدا وقائما يحذر الآخرة ويرجو رحمة ربه قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون إنما يتذكر أولوا الألباب .
يقول تعالى : أمن هذه صفته كمن أشرك بالله وجعل له أندادا ؟ لا يستوون عند الله كما قال تعالى : { ليسوا سواء } وقال تعالى ههنا : { أم من هو قانت آناء الليل ساجدا وقائما } ( أخرج جوبير عن ابن عباس قال : نزلت في ابن مسعود وعمار بن ياسر وسالم مولى أبي حذيفة ) أي في حال سجوده وفي حال قيامه ولهذا استدل بهذه الآية من ذهب إلى أن القنوت هو الخشوع في الصلاة ليس هو القيام وحده قال ابن مسعود : " القانت المطيع لله D ولرسوله صلى الله عليه وسلّم " وقال ابن عباس : { آناء الليل } جوف الليل ( وهو قول الحسن والسدي وابن زيد ) وقال الثوري : بلغنا أن ذلك بين المغرب والعشاء وقال الحسن وقتادة : { آناء الليل } أوله وأوسطه وآخره وقوله تعالى : { يحذر الآخرة ويرجو رحمة ربه } أي في حال عبادته خائف راج ولا بد في العبادة من هذا وهذا وأن يكون الخوف في مدة الحياة هو الغالب ولهذا قال تعالى : { يحذر الآخرة ويرجو رحمة ربه } فإذا كان عند الاحتضار فليكن الرجاء هو الغالب عليه كما قال أنس Bه : دخل رسول الله صلى الله عليه وسلّم على رجل وهو في الموت فقال له : " كيف تجدك " ؟ فقال : أرجو وأخاف فقال رسول الله صلى الله عليه وسلّم : " لا يجتمعان في قلب عبد في مثل هذا الموطن إلا أعطاه الله D الذي يرجو وأمنه الذي يخافه " ( رواه الترمذي والنسائي وابن ماجه ) . وعن يحيى البكاء أنه سمع ابن عمر Bهما يقرأ : { أم من هو قانت آناء الليل ساجدا وقائما يحذر الآخرة ويرجو رحمة ربه } قال ابن عمر : " ذاك ( عثمان بن عفان ) Bه " ( أخرجه ابن أبي حاتم ) وإنما قال ابن عمر Bهما ذلك لكثرة صلاة عثمان Bه بالليل وقراءته حتى إنه ربما قرأ القرآن في ركعة قال الشاعر : .
يقطع الليل تسبيحا وقرآنا .
وقوله تعالى : { قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون } ؟ أي هل يستوي هذا والذي قبله ممن جعل لله أندادا ليضل عن سبيله ؟ { إنما يتذكر أولوا الألباب } أي إنما يعلم الفرق بين هذا وهذا من له لب وهو العقل والله أعلم